الصحفي الأمريكي الراحل أدقار سنو الذى عقد صداقة عميقة مع الشعب الصيني

^{الصحفي الأمريكي الراحل أدقار سنو}

قال بعض المؤرّخين الأمريكان إن أدقار سنو يعتبر شخصا ترك أكبر تأثير في الدول الغربية لمعرفة القضايا الصينية بعد الرحّال الإيطالي ماركو بولو الذي ولد في القرن الثالث عشر كما يعتبر شخصا وحيدا موثوق به لدى الجيل الأول من قادة الصين الجديدة. وبصفته صحفيا وكاتبا أمريكيا، عرّف أدقار سنو شعوب العالم بالمشاقّ والصعوبات التى عاناها الشعب الصيني في النصف الأول من القرن العشرين والثورة التى قادها الحزب الشيوعي الصيني، وعقد صداقة عميقة مع قادة الثورة الصينية والشعب الصيني. وكتب في وصيته لزوجته:" أحبّ الصين وأتمنى بقاء جزء منّي في الصين بعد وفاتي." وأجرى مراسل إذاعتنا في الولايات المتحدة مؤخرا مع السيد جون هاميلتون – الكاتب الأمريكي لكتاب (( سيرة أدقار سنو )) لمراجعة مشواره الذي لن يغطّى بغبار التاريخ.

في عام 1972، قام الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون بزيارة رسمية للصين من أجل كسر الجليد بين البلدين. وقبل وصوله إلى بكين عاصمة الصين، أقام القادة الصينيون في قاعة الشعب الكبرى حفل تأبين للصحفي الأمريكي أدقار سنو الذي توفي قبل ستة أيام، ولم يسبق لها مثيل في تاريخ الصين الجديدة. حيث عبّر الرئيس الصيني الراحل ماو تسي دونغ ورئيس مجلس الدولة شو أن لاي وغيرهما من قادة الصين في ذلك الوقت عن تعازيهم لأرملته وقالت فيها نائبة رئيس الدولة سونغ تشينغ لينغ إن أدقار سنو سيعيش في قلوب الشعب الصيني إلى الأبد.

وسجّل الكاتب الأمريكي جون هاميلتون تفاصيل هذا التأبين في كتابه عن (( سيرة أدقار سنو )). وقال هاميلتون لمراسلنا إنه يكنّ رغبة شديدة للصين منذ صغره وقد قرأ كتبا بقلم سنو خلال فترة دراسته في المدرسة المتوسطة. وبعد وفاة سنو، بدأ هاميلتون يبحث في مشوار سنو حوالي عشر سنوات. وتمّ نشر كتابه (( سيرة أدقار سنو )) في الثمانينات من القرن الماضي. وقال هاميلتون إن الكتاب بقلم أدقار سنو تحت عنوان (( النجم الأحمر فوق الصين )) يعتبر أول كتاب عن الحزب الشيوعي الصيني وقادته وترك تأثيرا واسعا للصينيين وشجّع كثيرا من الأمريكيين لمعرفة أحوال الصين الواقعية. ها هو قال السيد هاميلتون:

" في الثلاثينات من القرن الماضي، احتلّ هذا الكتاب بعد نشره صدارة أكثر الأخبار إثارة للتعليقات في العديد من الصحف، ولم يلفت اهتمام الأمريكان فحسب، بل جذب أنظار الصينيين أيضا لأنهم لم يعرفوا الأحوال الحقيقية للحزب الشيوعي الصيني حينذاك. فأصبح هذا الكتاب منفذا مفتوحا لديهم لمعرفة هذا الحزب الذي تأسس في مطلع العشرينات من القرن الماضي، وبعد قراءته، عرف الناس أن الرئيس ماو تسي دونغ والقوات العسكرية التى كانت تحت قيادته ليسوا من أطلق عليهم ب((رجال العصابة الحمراء)). كان كتاب (( النجم الأحمر فوق الصين )) يثير حماسة الناس تجاه الحزب الشيوعي الصيني ويشجّع الكثير منهم على الانضمام إليه في مدينة يانآن باعتبارها قاعدة رئيسية له حينذاك. أما في الولايات المتحدة، فقرأ كثير من المسنّين الأمريكيين الكتاب بقلم أدقار سنو. وبعد إصدار هذا الكتاب، أصبح سنو شخصية شهيرة في أوساط الإعلام، وكان الكثير من الشباب الذين لديهم طموحات للعمل في مهنة الصحافة يعتبرونه قدوة مثالية لهم لأن أدقار سنو يمتاز بروح الاستطلاع والمغامرة وسافر إلى الصين وأجرى مقابلة صحفية مع الرئيس الراحل ماو تسي دونغ كما كتب عددا من التقارير المهمة عن الصين. وهذا أمر مؤثّر ويتمتع بمغزى سياسي مهم."

يعتبر كتاب (( النجم الأحمر فوق الصين )) واحدا من أهم كتب أدقار سنو. وخلال الفترة من يونيو إلى أكتوبر عام 1936، زار سنو منطقة حدود شنشي-قانسو-نينغشيا الواقعة في شمال غربي الصين بعد التغلب على الكثير من الصعوبات، وأجرى مقابلات صحفية مع ماو تشي دونغ وبنغ ده هواي وغيرهما من قادة الجيش الأحمر، وهو يعتبر أول صحفي من الدول الغربية قام بزيارة المنطقة السوفياتية التى أنشئت خلال فترة الحرب الأهلية الثورية الثانية في الصين من عام 1927 حتى عام 1937. وكتب أدقار سنو الكتاب (( النجم الأحمر فوق الصين )) الذي يحتوى على ثلاثمائة ألف كلمة، وأحدث هذا الكتاب صدى واسعا بعد نشره في عام 1937.