CRI Online

ليست للمؤمنين الثقة في الخارج ان لم تتمتع الدولة بمكانة

cri       (GMT+08:00) 2014-12-18 14:57:41


اختتم موسم الحج الى مكة المكرمة بالنسبة للمسلمين في كل انحاء العالم لهذا العام، وبصفتها احدى اكبر المناطق الصينية تواجدا للمسلمين، حقق المزيد من الجماهير المعتنقة للاسلام في منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي حلمهم باداء فريضة الحج ولمعرفة تجاربهم وشعورهم. قام مراسلنا بزيارتهم في منطقتي ينتشوان وووتشونغ مؤخرا.

لقد سافر ما شنغ مينغ امام مسجد شينتشنغ بمدينة ينتشوان الى المملكة السعودية لاداء فريضة الحج في العام الماضي لاول مرة، وقد استقبل المراسل بكوبين صغيرين من ماء زمزم المبارك الذي جلبه من مكة للشرب. وقال ما شنغ مينغ ان الذي ترك اعمق انطباع في ذهنه خلال اربعين يوما ذهابا وايابا هو ان المسلمين من كل البلدان يجتمعون لاداء هذه الفريضة وكانهم اسرة واحدة"، عندما تؤدي "السلام" فستختفي الفوارق على الفور رغم حاجز اللغة.

خلال الحج، اصبح لدى ما شنغ مينغ فهمه الشخصي لمفهوم الوداد الوارد في المعتقد الاسلامي. معتبرا ان هناك زحمة كبيرة في صفوف الحجاج وسيارات النقل مما جعل التصادم امرا لا مناص منه، ولكن كل ذلك يخففه تبادل تحية السلام، كما ان العلاقة بين الناس والحيوانات ودية ايضا، حيث يبحث الحمام عن الطعام في الميدان، ولن يطير بعيدا ان لاطفت ريشه.

اخبرنا ما شنغ مينغ انه نسى حقيبته في ميدان مكة المكرمة ذات مرة خلال اداء الصلاة، وتذكرها بعد ساعة فعاد لاخذها، ووجد ان الحقيبة ما زالت في نفس المكان، كان "مفعما بالمشاعر". فضلا عن ذلك، وعندما يحين وقت اداء الصلاة خلال اوقات العمل، يضع صغار الباعة المحليين قطعة من القماش على بضائعهم للذهاب الى المسجد دون ان يشعروا بالقلق على فقدان سلعهم.

اثرت الاسعار المحلية المستقرة في ما شنغ مينغ تاثيرا عميقا ايضا. يرغب الحجاج الصينيون في شراء بعض ادوية الروماتويد والامراض الجلدية في المدينة، فان اسعارها لا يختلف عن اسعار الادوية في كل صيدليات مكة. ذكر ما شنغ مينغ ان اماما في بعثة الحج سبق له ان زار مكة قبل 20 سنة، قال ان سعر الخبز الحالي في مكة هو نفس ما كان عليه في الماضي.

قال ما شنغ مينغ انه شخصيا فخور من اعجاب الحجاج في مكة بالصين، مضيفا انهم طبعوا في كل صدرية يلبسونها العلم الوطني الصيني، مما جعل الحجاج الاجانب يخاطبون الصينيين "china china" عندما يلتقون بهم ويشيرون بالابهام علامة الاستحسان والاحترام، الامر الذي جعل كل حاج صيني فخور.

الى جانب ذلك، اخبرنا ما شنغ مينغ ان الكثير من العرب يرغبون في ان يتعلموا منهم كلمات من اللغة الصينية مثل "اهلا بك ومرحبا بالجميع"، وهذا يعكس قوة الصين من ناحيته ايضا.

انطلقت بعثة الحج هذه من ينتشوان ومرورا بتشانغدو وكراتشي والمدينة المنورة، اما رحلة العودة، فشملت كلا من جدة وكراتشي وينتشوان، على متن طائرة مستاجرة من شركة طيران الصين. وبلغ العدد الاجمالي لبعثة نينغشيا اكثر من 2200 شخص، واقاموا في بناية مكونة من 13 طابقا ولها غرف ثلاثية ورباعية لديها عمال نظافة، وذلك ما جعل الظروف الصحية ممتازة.

"جلبت 10 لترات من ماء زمزم المبارك من مكة، وبعد اربعة ايام لم يبق معي منه الا القليل." قال ما شنغ مينغ ان كثيرا من الاقرباء والاصدقاء اتوا الى بيته لتهنئته بعد عودته الى ينتشوان من الحج، ولا يمكن ان يقدم لكل ضيف الا فنجان الورق الصغير الذي يتراوح حجمه بين 10 و15 ملليلتر ليتذوق.

تقع ووتشونغ في وسط نينغشيا، وتعتبر المنطقة الاكثر تواجدا للمسلمين فيها. وافق اليوم الذي زرنا فيه مسجد وونان العريق بالمدينة يوم الجمعة، قابلنا العجوز تشو شنغ تانغ في طريقة الى الجامع.

سبق لتشو شنغ تانغ الذي يبلغ من العمر 71 سنة ان شارك في بعثة الحج الى مكة في عام 2009، اخبرنا انه انتظر 3 سنوات قبل ان يحصل على تلك الفرصة بعد تسجيل اسمه، وان العدد المقرر قبوله من المسلمين لحج مكة ما زال قليلا رغم انه بدا يزداد في الوقت الحالي، قائلا "ما زلت اريد السفر حتى ولو على حسابي."

لماذا؟ شرح تشو شنغ تانغ انه يستطيع الاحساس بالمساواة في مكة مع جميع الشعوب القادمين من كل الدول رغم اختلاف لغاتهم، ويساعد بعضهم البعض مهما كانت الوانهم. "ليس هناك جفاء بين الناس بل الوئام."

مكث تشو شنغ تانغ في مكة المكرمة والمدينة المنورة ل35 يوما في عام 2009، وقال انه حسنت سلوكه واقواله واعماله بعد الحج. "ان قلت ان كلامي كان جافا احيانا قبل الحج، فقد اصبحت اكثر اهتماما بالاقوال والاداب في تصرفاتي بعد العودة."

واعتبر تشو شنغ تانغ ان الناس في نفس عمره يشعرون انه من المفروض عليهم اداء ركن الصلاة من اعماق قلوبهم بعد العودة، مثلا، في بعض الاحيان وقبل الحج لم يؤد الصلوات الخمس بشكل يومي، لكنه وبعد الحج، يصبح ملتزما باداء فريضة الصلاة، وفي نفس الوقت، يعامل افراد اسرته والناس حوله اكثر احتراما واصبح مليئا بالحب.

صرف تشو شنغ تانغ اكثر من 50 الف يوان صيني من اجل الحج لمرة واحدة، وقال انه كان صاحب مصنع الاثاث الخشبي ولديه القدرة على دفع تكاليف الحج.

سافر وانغ جين يوي امام مسجد وونان الى مكة للحج مرتين في عامي 1998 و2008، وقبل تقديم خطبة الجمعة في المسجد الذي زرناه فيه، استذكر تجربته الاولى ومقارنتها مع التجربة الثانية للحج بعد 10 سنوات.

"في عام 1998 من الصعب اداء فريضة الحج ويقل الناس الذين يمكنهم اداؤها حيث لم يتجاوز هذا العدد في مدينة ووتشونغ 45 شخصا و254 في منطقة نينغشيا." قال وانغ جين يوي ان تعقيدات كثيرة واجهته قبل السفر، وعليهم تلقى التدريبات في ينتشوان ل7 ايام اولا ثم السفر الى بكين لتلقى التدريبات ل7 ايام اخرى، بعد ذلك توجهوا الى جدة عبر الطائرة واستقلوا الحافلة قطار المتوجهة الى المدينة المنورة بعد الوصول ثم الى مكة.

ولم تكن مكانة الصين عالية جدا في جميع انحاء العالم العربي، ويقول وانغ جين يوي ان الكثير من الناس في مكة لم يعاملوهم باحترام، "كانوا يتجاهلوننا."

واكد وانغ جين يوي: ان "المكان الذي كان الوفد يسكن فيه بعيد عن الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، اضافة الى ذلك، تكون الاقامة في الخيمة خلال فترة الحج، ويسكن الاندونسيون والماليزيون في خيمة مغطاة بطبقة من صفيحة الاميانت ولها مكيف هوائي وسجادة، اما التي نقيم فيها فلا توجد فيها الا مروحة كهربائية وارضية مرصوفة بالحصى. مساكين للغاية."

بصفته رئيس بعثة ووتشونغ في ذلك الوقت، قال الامام وانغ جين يوي، ان كثيرا من الحجاج الكبار في السن في بعثته لا يمكنهم ان يستريحوا بسبب الظروف البسيطة والمتخلفة، فجمع الكثير من الواح الكرتون ووزعها على كل الحجاج للجلوس. ولم يكن انطباعهم جيدا خلال تلك الزيارة.

في عام 2008، ادى الامام وانغ جين يوي فريضة الحج مرة اخرى باعتباره رئيس بعثة ووتشونغ. كان عدد الحجاج 482 شخصا في المدينة في المرة الثانية، ليكون اكثر من 10 اضعاف العدد قبل 10 سنوات. وقال انه كان في غاية الراحة اثناء السفر حيث اتجه مباشرة الى مطار ينتشوان عبر السيارة ثم وصل الى المدينة المنورة بطائرة مستاجرة، لتصبح الرحلة خفيفة العبء.

يشعر وانغ جين يوي ان مركز الحجاج الصينيين قد اختلف نوعا ما، "فلم يكن احد يهتم ويعتني بنا في عام 1998، اما هذه المرة فكان هناك شخص يرتب الاقامة فور وصولنا، وعندما ميز الحجاج الاخرون اننا صينيون، نظروا الينا نظرة جديدة خلال الرحلة الى الكعبة حيثما حللنا، كما طلب العديد من الفقراء المساعدة منا، لانهم يعتقدون ان الصينيين لديهم اموال كثيرة." ذكر وانغ ان الناس ابتعدوا عنهم خلال طوافهم بالكعبة، خلافا لما حدث في الماضي فلا يسمحون للصينيين بالاقتراب عن عمد، واصبح مستواهم المعيشي مثل مستوى المسلمين من الدول الاخرى تماما ايضا.

"ارى ان الوضع الشخصي يرتبط ارتباطا عميقا بوضع البلاد، لذلك ينبغي ان نحب بلادنا في اي وقت، انت مسلم صيني، عليك الاعتزاز بذلك."

لهذا، طلب وانغ جين يوي من الحجاج الذين يقودهم تكوين صورة جيدة عن الشعب الصيني في كل وقت، وعدم مخالفة السنة وقوانين الدولة وترك انطباع سيئ للغير، "لان كل شخص يمثل الصين."

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي