الأحلام الموسيقية للمعوقين

أعزائي المستمعين، السلام عليكم. يسعدنا أن يتجدد لقاؤنا بكم في حلقة جديدة من برنامجنا الأسبوعي ((صور من المجتمع)). تشمل حلقة اليوم جزأين، وأولا نتعرف على أركسترا يشكله المعوقون، وفي الجزء الثاني سنقدم لكم قصة الطبيب لي تشن شي، الذي يعمل طبيبا ريفيا في المناطق الجبلية بمنطقة شينجيانغ الذاتية الحكم لقومية الويغور شمال غربي الصين.

مستمعينا الأعزاء، تستمعون حاليا إلى عرض للموسيقى التقليدي الصيني في إحدى المناطق السياحية لمقاطعة تشهجيانغ جنوب شرقي الصين، ويشكل الأركسترا 26 معوقا جاؤوا من أنحاء الصين. الفتى الذي يعزف آلة آرهو هو يانغ واي الأعمى.

"قال الطبيب إنني أصبت بمرض صغر مقلة العين، وهو من العيوب الخلقية."

يبلغ عمر يانغ واي 19 أعواما، جاء من منطقة ريفية بمقاطعة شانشي شمال غربي الصين، وهو أصغر عضو في هذا الأركسترا، لكنه قد درس عزف آرهو لحوالي سبع سنوات. وفي بداية دراسته، كان الآخرون ينصحونه بترك حلمه الموسيقي وتعلم مهارة أخرى لكسب الرزق، لكنه كان يستغرق أوقاتا مع صوت آلة آرهو منذ الاستماع إليه لأول مرة.

"لا أستطيع وصف ذلك باللغة، إن ذلك شعور سحري، لكنني أستطيع فهمه. كان تعلم عزف آرهو مهام صعبة بالنسبة إلي، لأنني لا أقدر على قراءة العلامة على النوتة الموسيقية."

وقال يانغ واي، إنه كان لا يعرف اتجاه حياته قبل تعلم الموسيقى، وبعد ذلك، أصبح سعيدا بفضل آلة آرهو.

"أول لحن موسيقي أتعلم عزفه هو ((توينكل توينكل ليتل ستار))، رغم أنه أغنية أطفال بسيطة، أشعر بالحب والسعادة فيه. إن قراءة النغمات للحن تشابه قراءة الكلمات في المقالات، التي تجعلنا الشعور بالإحساس الدقيق فيها."

لكن أسرة يانغ واي كانت قلقة إزاء مستقبل ابنها لأن هوايته قد لا تساعده في الحصول على الدخل المستقر. وبعد سنوات من التعلم بنفسه، دخل يانغ واي دورة تدريبية فنية خاصة للمعوقين أقامها معهد مهني ببكين، وتعرف هناك على تشونغ هوي يوي، الذي أصبح زميله ورئيس الأركسترا فيما بعد.

 تشونغ هوي يوي معلم للآلات الموسيقية، وهو أيضا معوق يعاني من العمش. وفي شهر سبتمبر لعام 2008، تخرج كل الطلاب حيث واجهوا مشكلة التوظيف.

"كلهم قد تخرجوا، لكنني كنت أتعاون معهم بشكل جيد، وأشعر بالأسف إذا تركنا مهارتنا، فنقرر مواصلة عملنا وعدم تفريق الأركسترا."

كان شخص طيب يقدم لهم ميدانا للتدريب في غابة بضاحية مدينة شيآن.

"كنا نعتمد على علاوة ضئيلة ونشتري الأطعمة ونطبخها بأنفسنا. أتذكر أن القدر والموقد كانا قديمين، والدار كانت مقفرة موحشة. كانت فكرتنا هي العمل على التمسك بفعاليات الأركسترا لمدة أشهر، إذا لم نجد سبيلا لمواصلة الأركسترا حتى ذلك الوقت، فليس لنا خيار آخر بل تفريقه."

أخيرا أتيحت لهؤلاء المعوقين فرصة.

 في أسطورة صينية قديمة، كان إمبراطور هوانغدي، أهم الأجداد الأوائل للأمة الصينية، يصنع أدوية سحرية في قمة جبل دينغهو بمحافظة جينيون لمقاطعة تشهجيانغ ويرتفع إلى السماء من هناك. وخلال السنوات الماضية، قامت الحكومة المحلية بالتعاون مع بعض المستثمرين الآخرين بإعادة بناء معبد هوانغدي وإقامة مراسم إحياء هوانغدي في الجبل. وقال مستثمر مشروع معبد هوانغدي السيد شيانغ شيونغ جون:

"بدأنا نقيم مراسم إحياء هوانغدي منذ عام 2008، وكنت استقدمت بعض الملحنين إلى الإقامة هنا لفترة وكتب بعد ذلك بعض الألحان الخاصة للمراسم. هذه الألحان مهيبة، وأحتاج إلى أركسترا قادر على عزفها."

كان الملحن أوصى بأركسترا المعوقين الذي كان في المأزق.

"كنا نود اختيار بعض أعضاء الأركسترا، لكن عندما نزور الأطفال وهم كانوا في انتظارنا، ويتطلعون إلى مساعداتنا، نحن نشعر بضرورة استقدامهم جميعا، لأن حياتهم كانت صعبة للغاية ويعتمدون على علاوة بقيمة مائتي يوان فقط. إذا اختارنا أفضل أعضاء الأركسترا فقط، فماذا يفعل الباقون لكسب الرزق؟"

وقال رئيس الأركسترا تشونغ هوي يوي إن المسكن والوجبات مجانا هنا، وراتبه الشهري يبلغ ألفي يوان، فحياته أصبحت مريحة، وقد تزوج من إحدى عضوات الأركسترا.

"تقام كل صباح في الساعة التاسعة مراسم إحياء ذكرى الأسلاف، ونلحن في المراسم. وأحيانا نشارك في احتفالات استقبال الضيوف. والجو هنا صاف والظروف البيئية ممتازة."

وطالب شيانغ شيونغ جون الأركسترا بإحساس البيئة والثقافة المحلية ومحاولة تجسيدها في الموسيقى.

"بدأنا تسجيل بعض الألبومات التي تحتوي على الألحان الكلاسيكية الصينية بعزفهم الفريد."

وبالنسبة إلى يانغ واي، أنه قد وجد طريقا أفضل لحياته، وهو يبذل كل جهوده في عزف آلة آرهو.

"هنا مكان هادئ بدون ضجة في المدن. ولم أجد أية مشكلة في الحياة. ولدي وقت وافر لتدرب على العزف. أشعر بأن صوت آلة آرهو تبادلني المشاعر أن الآلة من أصدقائي."

شيانغ شيونغ جون راض عن أداء كل أعضاء الأركسترا، لكنه يفضل يانغ واي أكثر، ووصفه بأنه موسيقار عبقري.

"هو أصغر ولد في الأركسترا، عندما أتى إلى هنا، كان عمره 17 أعواما فقط، والآن يرسل جزء من دخله إلى أسرته لدعم أخته التي تدرس في جامعة."

وقال شيانغ شيونغ جون إن ما أعجبه أكثر هو اهتمام الولد بالاستقلال والكرامة الذاتية.

"كان يخطط العودة إلى بيته بنفسه وهو أعمى، وحاولت منعه من ذلك، لكنه يعارضني ويتهمني بالاستخفاف به، وقال لي كن مطمئنا إنه يستطيع الذهاب إلى أي مكان بنفسه. وكنت أصر على تكليف أحدا بمرافقته إلى البيت. لكن عندما يكمل زيارته للبيت، يعود إلى هنا بدون أي مرافق، من بيته الواقع في يويلين شمال غربي الصين إلى هنا، كان يركب القطارات والحافلات بنفسه."

 وأكد شيانغ شيونغ جون أن قراره باستقدام أركسترا المعوقين كان قرارا صحيحا، الأركسترا لم يخيب أمله. وهو دائما يدعو العازفين الشهيرين إلى الإشراف عليهم، مما يرفع مستواهم بسرعة.

"حينما يقفون على المسرح ويعزفون، يشعرون بأنهم أكثر تفوقا من الناس العاديين وهم يفتخرون بذلك، إن عزف الموسيقى يجعلهم يشعورون بقيمة حياتهم. إنهم قد شكلوا جماعة ذات قوة كبيرة ويسعون سويا لتحقيق أحلامهم."

 تغني هذه الأغنية لي هونغ يان، وهي مطربة في الأركسترا، كانت تشارك فيها بعد أن تعرف أختها عليها، وتشعر الفتاة ذات الصوت الرنان بالاعتزاز كلما تسمع تصفيق المشاهدين.

"وأهم شيء هو أننا نشعر بالمساواة كأننا في أسرة كبيرة ويساعد بعضنا بعض."

 وقال شيانغ شيونغ جون إن الكثير من المعوقين يريدون المشاركة في الأركسترا بعد زيادة شهرتها في المجتمع، لكنها ليست قادرة على قبول المزيد من الأعضاء، مؤكدا أنه سيبذل جهودا أكبر لمساعدة ودعم المعوقين في المستقبل مع تطوير قضية الأركسترا.

وأضاف شيانغ شيونغ جون أنه رغم العيوب في أجسامهم، فإن كل أعضاء الأركسترا يحملون في دواخلهم أحلاما جميلة لتحقيق إنجازات كبيرة في مجال الموسيقى، حيث قال:

"هم يرغبون في عرض على مسارح أكبر، مثل البرامج التلفزيونية إظهار المواهب، أو احتفالات رسمية كبيرة بمناسبة عيد الربيع الصيني. لكنني أشعر بضرورة الارتقاء بمستواهم وتعليمهم بكنوز الثقافة الصينية التقليدية تدريجيا، وبعد ذلك، إذا أتيحت لنا فرصة سنعمل على ذلك."

مستمعينا الأعزاء، إلى هنا تنتهي قصة أركسترا المعوقين الفريدة، وفي الدقائق التالية سنسافر سويا إلى منطقة شينجيانغ الذاتية الحكم لقومية الويغور شمال غربي الصين ونتعرف على الطبيب الريفي الذي حظي باحترام الرعاة القازاقيين هناك.