وتعتبر الدراجات الثلاثية هي وسيلة مواصلات رئيسية لزيارة الأزقة. وفي فصول الربيع أو الصيف أو الخريف، وبالإضافة إلي الدراجات الثلاثية، يمكن للسياح أن يركبوا في البحيرة سفنا قديمة تتحرك بالقوة اليدوية حيث يمكنهم مشاهدة الأحوال المعيشية لأبناء الشعب الذين يسكنون على ضفتي بحيرة شيتشاهاى وشرب الشاى وتناول الحلويات على متن السفينة. وعند حلول الليل، يضيء المراكبية مصابيح الخيول المعلقة على سفنهم، ويمكن للسياح أن يستمعوا إلى الموسيقى الشعبية التي تعزفها فتيات على آلات موسيقية تقليدية صينية. وحول السياح الذين يقومون بزيارة الأزقة، قال السائق:
"معظم السياح هنا من الأجانب ولكن السياح القادمين من تايوان وهونغ كونغ عددهم ليس قليلا، السياح الأمريكيون كثيرون، ويأتي هنا أيضا السياح العرب والهنود والباكستانيون، وبعضهم قد دراجتي! وهم يأتون إلى هنا لمعرفة ثقافة بكين القديمة. لأن الأزقة هي رمز لهذه الثقافة."
وعندما سألنا السائق حول أحوال تجارتهم قال السائق:
"يمكن لشركتنا أن تستقبل ما بين المئات والآلاف من السياح يوميا. مثلا، تحركت أمس جميع دراجات الشركة التي يبلغ عددها خمسين دراجة، وسارت كل دراجة عشر مرات ذهابا وإيابا وعلى كل دراجة شخصان حيث عملنا منذ التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء."
وواصل السائق قيادة الدراجة وأطلعنا على مناظر الزقاق والميزات المعمارية التي تتمتع بها الدور الرباعية في بكين حيث قال إن الدور الرباعية هنا يرجع تاريخها إلى ما قبل مائتين إلى ثلاثمائة سنة ولا يوجد مسمار واحد فيهاوالطوب هو خليط من الأرز اللزج والكلس لزيادة اللزوجة الأمر الذي يدل على ذكاء أجدادنا. اثناء حديثه، ظهرت أمامنا دار رباعية حمراء وكبيرة، وفقال لنا السائق:
"هذه الدار هي بيت أمير في أسرة تشينغ الملكية ويعود تاريخها إلى أكثر من مائتي سنة ولكنها ما زالت محافظة بدرجة كبيرة على شكلها... أنظروا ، أمام البوابة أسدان حجريان ولا يقفان أمام بيوت أبناء الشعب العاديين إلا أهالي واقرباء الإمبراطور."
لماذا أزقة بكين والدور الرباعية فيها تجذب الأجانب ويتوافد إليها السياح من كل انحاء العالم؟ عندما طرحنا هذا السؤال على السائق، حكى لنا قصة حقيقية:
"إن الأجانب يحسون بالغرابة والإعجاب لثقافة أزقة بكين. وهم مندهشون أن هذه الدور التي يعود تاريخها إلى ما قبل مئات السنين ما زالت قابلة للسكن وما زالت محافظة على شكلها العام. مثلا هذا سائح أمريكي كان قد وصل صباحا إلى هنا مع مجموعة السياح، ولكنه عاد مرة أخرى بعد ظهر اليوم التالي حيث ركب دراجتي وتجولنا داخل الأزقة لمدة ساعتين."
أعزائي، من المعروف أن معظم سائقي الدراجات الثلاثية لا يتمتعون بمستوى عال تثقيفي أو تعليمي، ولا يجيدون اللغة الإنجليزية. وحول مشكلة التعامل مع الأجانب، قال السائق:
"بسبب اللغة، لدينا مشكلة في التعامل مع الأجانب، ولكن العديد من السياح الأجانب يتحدثون قليلا باللغة الصينية، ويستطيعون فهم كلامنا اذا تحدثنا ببطء. وقد استدعت شركتنا مرشدين يجيدون اللغات الإنجليزية واليابانية والروسية وغيرها. أما أنا، فلا استطيع أن أتكلم بالإنجليزية ولا أتكلم سوى عدة جمل بسيطة،مثلا Hello How are you"
واثار كلماته الإنجلزية اهتمام سائحنا المصري حيث بدأ يتحدث من خلالنا مع السائق ويسأله العديد الأسئلة عن عادات وتقاليد أهل بكين القدماء ومعيشتهم العادية في الماضي. وعندما تطرق حديثهما إلى اللهجة البكنية، علم السائق سائحنا المصري عدة جمل يستخدمها البكينيون دائما:
"يحب البكنيون استخدام "انتم" بدلا من "انت" للتعبير عن احترام الآخرين مثلا في الصباح، دائما ما يسأل البكنيون الآخرين هل استيقظتم؟
وعند الظهر يحمل البكنيون سلطانية من الشعرية المطبوخة بالصلصة الكثيفة ويسألون هل أكلتم؟"
وعندما سلنا السائق عن مشاعره إزاء عمله وحياته الحالية، عبر سائق الدراجة عن رضاه التام حيث قال:
"أنا فخور جدا عندما أطلع الاجانب على التاريخ والثقافة والمعالم الأثرية التي ورثها لنا أجدادنا. وأجرتي الشهرية أكثر من 1500 يوان صيني وأنا سعيد جدا لأن هذه الأجرة مقابل جهودي. وأعتقد أن عملي له مغزى كبير!"