وقع أمس الأربعاء (26 اكتوبر) هجوم انتحاري في مدينة الخضيرة وهي مدينة ساحلية اسرائيلية، مما أدى الى مقتل خمسة أشخاص على الأقل، وإصابة عشرات آخرين، وهذه هي المرة الأولى التي تقع فيها هجمات انتحارية منذ سبتمبر الماضي موعد الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة.

تجدر الإشارة الى أن مدينة الحضيرة تطل على البحر الأبيض المتوسط وتقع شمال غربي اسرائيل، حيث تعرضت عدة مرات لهجمات نفذها مسلحون فلسطينيون منذ عام 2000 بسبب قربها من خط وقف إطلاق النار عام 1967، وقد وقع هذا الهجوم الانتحاري مساء أمس في سوق بالخضيرة، كانت مزدحمة بالناس لشراء الحاجيات اليومية، حيث فجر فلسطيني بحزام ناسف نفسه أمام أحد محلات بيع الجبن، مما أدى الى مصرع خمسة أشخاص على الأقل وإصابة عشرات آخرين، هذا وقد أغلقت الشرطة الاسرائيلية فور وقوع الحادث كافة مخارج مدينة الخضيرة والطريق السريع القريب، وفي هذا الصدد، أفادت الإذاعة الاسرائيلية أن شخصين مشتبه بهما قد غادرا الميدان بسيارة بيضاء بعد وقوع الحادث، حيث تلاحق الشرطة هذه السيارة حاليا.

وفور وقوع الحادث، أعلنت منظمة الجهاد الإسلامي ( الجهاد) مسؤوليتها عن هذا الحادث، مشيرة الى أن هذه الهجمات الانتحارية تأتي ردا على قيام اسرائيل بقتل أحد مسؤوليها الكبار قبل أيام في الضفة الغربية.

وقد أصدر رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس أمس الأربعاء بيانا يستنكر هذا الحادث، وقال البيان إن هذا الحادث يضر بمصلحة الشعب الفلسطيني وقد يزيد من حدة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وهناك الجدير بالذكر أن عباس كان قد طلب قبيل ساعات من وقوع هذا الحادث من مختلف الفصائل الفلسطينية إلالتزام بإتفاق القاهرة حول وقف إطلاق النار وتهدئة الوضع بين الجانبين. وندد بشدة بتصرفات المسلحين الفلسطينيين الذين يطلقون الصواريخ من غزة إلى إسرائيل مضيفا أن هذه التصرفات لا تؤدى إلا إلى دفع إسرائيل إلى إتخاذ مزيد من الأعمال العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، في حين أن الشعب الفلسطيني يحتاج الآن بإلحاح تنمية الإقتصاد.

ومن ناحية أخرى نددت الحكومة الإسرائيلية في نفس اليوم بالجانب الفلسطيني وإتهمته بالتقصير في السيطرة الفعالة على المسلحين الفلسطينيين ودعت المسؤولين إلى إتخاذ إجراءات فورية لنزع أسلحة هؤلاء. هذا وقد طالب أمين عام الأمم المتحدة أنان في بيان صدر في نفس اليوم الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بضبط النفس تجنبا لإزدياد أعمال العنف. وأكد البيان أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذى قد طال أمده لا يمكن التوصل إلى حلول بشأنه إلا من خلال المفاوضات.

وقد ذكر السيد سكوت ماكليلان المتحدث بإسم البيت الأبيض الأمريكي في نفس اليوم أن هذا الحادث يضر بهيبة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية عباس. وحث السلطة الوطنية الفلسطينية على إتخاذ إجراءات أشد لمنع المسلحين الفلسطينيين من إرتكاب أعمال عنف أخرى.

وقد لاحظ الرأي العام أنه منذ الإنسحاب الإسرائيلي من غزة في سبتمبر هذا العام فإن الأوضاع الفلسطينية الإسرائيلية لم تهدأ كما كان الكثيرون يتوقعون، بل على العكس فإن أعمال العنف بين الجانبين تتفجر بين الحين والآخر. ومما يهدد بتقويض التفاهم الذى توصل إليه الجانبان في فبراير هذا العام حول وقف إطلاق النار. لقد ظلت إسرائيل تغلق الطرق الحدودية في غزة بعد إنسحابها منها بحجة الأمن، الأمر الذى عرقل بالطبع عملية الإعمار الإقتصادي في غزة.

إن الحادث الإنتحارة الذى وقع أمس قد صب بنزينا على جمر العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية المتقد. ووضع عقبة أمام اللقاء المرتقب بين عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيس الوزراء الإسرائيلي إرييل شارون.