أعلن وزير الداخلية الفلسطيني هاني القواسمي أمس الاثنين (14 مايو) استقالته من منصبه الذي اضطلع به قبل أقل من ثلاثة شهور. وفي اليوم نفسه، استمرت الاشتباكات بين الفصائل الفلسطينية المسلحة مما أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى على الأقل. بالطبع فإن استقالة القواسمي كمسؤول حكومي عن الأمن ستزيد الأوضاع توترا في فلسطين، وسوف تربك حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
وقد أعلن القواسمي استقالته في مؤتمر صحفي عقد أمس في قطاع غزة، حيث أكد أنه على وزارة الداخلية أن يتحمل مسؤولية الأمن، إلا أنه بسبب نقص الموارد وعدم كفاية تأييد الحكومة، لم تتمكن الوزارة من وقف الاشتباكات التي تحدث حاليا في غزة. تسلم إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني استقالة القواسمي، وتولي بنفسه هذا المنصب. وقال بعض المسئولين بالحكومة الفلسطينية إن السبب الرئيسي لاستقالة القواسمي هو فشل تنفيذ الخطة الأمنية التي أراد القواسمي أن ينفذها. وكان القواسمي قد اتهم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء اسماعيل هنية بعدم تأييده بصورة كافية.
أعرب المحللون عن قلقهم لاستقالة القواسمي خاصة أنه في ظل اندلاع الاشتباكات الجديدة بين الفصائل الفلسطينية المسلحة، فإن استقالته ستزيد الأوضاع الأمنية تدهورا. هذا وكما نعرف فإنه قد اندلعت اشتباكات بين حركتي /حماس/ و /فتح/ أمس الأول (13 مايو) في قطاع غزة مما أدى إلى سقوط تسعة قتلى وإصابة العشرات. ورغم أن الحركتين قد توصلتا مساء أمس الأول إلى اتفاق جديد للهدنة لوضع حد لهذه الجولة الجديدة من الاشتباكات بفضل جهود وساطة مصرية، إلا أن هذه الاشتباكات لم تتوقف، وبعد ساعات من الاتفاق، لقي ثلاثة من عناصر /فتح/ وسائق سيارة الثحن مصرعهم خلال الاشتباكات العنيفة.
كما عبر الفلسطينيون عن قلقهم لاستقالة القواسمي، مشيرين إلى أن استقالته ستؤدي إلى اضطراب حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي شكلت قريبا. من المعروف أن وزارة الداخلية الفلسطينية سيطرت على قوات الأمن، وهذا ما حدا بالأطراف الفلسطينية المختلفة لأن تناضل من أجل الحصول على هذه السلطة. وقد عرفنا من قبل أن حركتي /فتح/ و /حماس/ قد اختلفتا كثيرا حول اسم مرشح وزير الداخلية مما أجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية مرارا وتكرارا وأشعل الاشتباكات الدموية بين الفصائل العسكرية التابعة للحركتين. بعد استقالة القواسمي الذي يعتبر شخصا مستقلا، ستواجه الحركتان هذه المشكلة مرة أخرى، القلق ينتاب رجل الشارع الفلسطيني تحسبا لتفجر خلافات جديدة بين الحركتين بهذا الشأن قد تؤدي في حالة استفحالها إلى حرب أهلية تهدد وجود الحكومة الجديدة.
ومن أجل تجنب تصاعد الاشتباكات العنيفة ووقوع الحكومة في حالة اضطراب، أمرت الحكومة الفلسطينية أمس الاثنين بنشر قوات الأمن في قطاع غزة وإنشاء غرفة عمل مشتركة برئاسة رئيس الوزراء هنية. إلا أن الشكوك والهواجن تنتاب الجميع في أن تستطيع هذه الإجراءات المؤقتة القيام بدور فعال في ظل التناقضات الشديدة بين /فتح/ و/حماس/. هناك رأي آخر، حيث يرى محللون أن الحركتين لا تريدان حاليا تنظيم انتخابات جديدة، لذلك، فإن الحكومة الفلسطينية الجديدة لن تواجه خطر الانهيار قريبا.