بعد مباحثاتها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أنهت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أمس الإثنين ( 5 إبريل ) زيارتها للمناطق الإسرائيلية والفلسطينية والتى دامت يومين. وكان الهدف من زيارتها هذه هو دفع عملية المفاوضات وتمهيد الطريق لزيارة رئيس الأمريكي جورج ووكر بوش المقبلة لهذه المناطق في أواسط الشهر الحالي. ويرى المحللون أن مستقبل المفاوضات ما زال غامضا رغم زيارة رايس هذه. إذ كان الجانب الفلسطيني غير راض عن حالة المفاوضات قبل زيارة رايس. وكانت مصادر حكومية فلسطينية قد ذكرت أن محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية قد قال إنه يفكر في الاستقالة من منصبه إذا لم تحقق المفاوضات تقدما كافيا خلال الأشهر القادمة. أما الجانب الإسرائيلي فعبر في عدة مناسبات عن عدم ثقته في التوصل إلى اتفاقية السلام مع الجانب الفلسطيني خلال العام الحالي.
وخلال فترة زيارتها حثت رايس الجانب الإسرائيلي على تخفيف الحصار المفروض على الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية واتخاذ اجراءات فعالة لتحسين حالة معيشة المواطنين الفلسطينيين. كما انتقدت إسرائيل بصورة مباشرة لمواصلتها بناء المستوطنات اليهودية. إلا أن رايس لم تجدد ثقتها في التوصل إلى اتفاقية سلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي قبل نهاية هذا العام بل أكدت فقط الهدف المشترك لإزالة الخلافات الشديدة القائمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي قبل نهاية هذا العام.
وبعد انتهاء زيارة رايس عقدت مباحثات مغلقة بين أولمرت وعباس في القدس لتبادل الأراء حول مشكلة الحدود النهائية والأمن بين الجانبين. وذكر مسؤول إسرائيلي بعد المباحثات أن الجانبين قد حققا تقدما كبيرا بشأن مشكلة الحدود وعبرا عن رغبتهما في بذل الجهود للتوصل إلى مشروع حل سلمي قبل نهاية العام الحالي.
إلا أن المحللين يرون أن مستقبل المفاوضات ما زال لا يدعو إلى التفاؤل رغم زيارة رايس هذه. لأن الخلافات الكبيرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي حول المشاكل الجوهرية الثلاث لم تحل بعد. ومطالب المرحلة الأولى لخريطة الطريق لسلام منطقة الشرق الأوسط لم تنفذ بعد بسبب الهجومات الصاروخية وبناء المستوطنات اليهودية. لذلك أصبح الجانب الفلسطيني أكثر تشددا في مطالبة الجانب الإسرائيلي باتخاذ اجراءات ملموسة. أما الجانب الإسرائيلي فرد على الجانب الفلسطيني بمشكلة الأمن.
لذلك يرى المحللون أنه رغم تحقيق بعض التقدم في المفاوضات بين الجانبين بشأن مشكلة الحدود ورغبتهما في تحقيق المصالحة في الموعد المقرر إلا أن مشكلة التنفيذ ستكون عقبة كبيرة أمامهما في المستقبل. قال نبيل أبو ردينة مساعد عباس إن بناء المستوطنات اليهودية ما زال مستمرا والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني ما زال قائما لذلك يجب على الولايات المتحدة فرض المزيد من الضغوط على إسرائيل بدلا من القيام بزيارات متكررة. كما أكد كل من أولمرت وعباس أن الضفة الغربية في حاجة إلى تحقيق تغيرات ملموسة. ويرى المحللون أنه من الصعب أن تحقق المفاوضات تقدما إذا لم تتخل الولايات المتحدة عن سياستها المنحازة إلى إسرائيل. وإلى جانب التأثيرات الأمريكية تواجه المفاوضات تحديات أخرى. فمن الجانب الفلسطيني فإنه إذا لم يجبر الفلسطنيون المعتدلون بزعامة عباس إسرائيل على تخفيف الحصار المفروض على الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية فإنهم سيفقدون دعم المواطنين الفلسطينيين للمفاوضات وستصبح الانتخابات العامة الفلسطينية المقرر إجراؤها في نهاية هذا العام أكثر تعقيدا. ومن الجانب الإسرائيلي فإن عدم استقرار الأوضاع السياسية في إسرائيل ستنتج عنه تأثيرات غير متوقعة على مستقبل المفاوضات. لذلك فإن مستقبل المفاوضات بعد زيارة رايس ما زال غامضا.
