CRI Online

ميانشان :جبل الكهوف الكارستية والوزير المحترق

cri       (GMT+08:00) 2015-05-22 09:52:04


يقع جبل ميانشان في دائرة مدينة جيشيو في الجنوب الغربي من مدينة تاييوان حاضرة مقاطعة شنشي، التي تبعد عن الحاضرة أكثر من مائة وستين كيلومتراً. من بين جبال الصين المشهورة الصينية، يرتبط جبل ميانشان دائماً، باعتباره مكان ولادة عيد تشينغمينغ (عيد هانشي- أي عيد الأطعمة الباردة)، وبالوزير جيه تسي توي المخلص لملكه. لكن أهمية هذا الجبل تتجاوز ذلك، بفضل مناظره الطبيعية الساحرة التي تختلف عن الجبال الأخرى.

إن معايير جمال الجبال والأنهار عند الصينيين فريدة، فالجبال المشهورة ترتبط دائماً بشخصيات تاريخية بارزة، ومن هنا جاء القول الصيني القديم: "تكمن شهرة الجبل في وجود ملاك فيه، ليس في ارتفاعه". يحمل جبل ميانشان اسماً آخر هو "جبل جيهشان"، في إشارة إلى رجل يدعى جيه تسي توي، وكان وزيراً في مملكة جين (1033 ق.م – 376 ق.م) في عصر الربيع والخريف والممالك المتحاربة، وكان يسكن في هذا الجبل، واشتهر بإخلاصه للملك وبره بوالديه.


تمثال جيه تسي توي

ويقال إن جيه كان تابعاً مخلصاً للأمير تشونغ أر، الذي صار لاحقاً، الملك جين ون قونغ، وقبل اعتلائه العرش، كان الأمير قد تعرض للاضطهاد، وذات يوم فقد وعيه من شدة الجوع والعطش، فلم يجد أتباعه ما يقدمونه لإنقاذه، فقطع السيد جيه تسي توي قطعة من لحم فخذه لينقذه من الجوع. بعد تسع عشرة سنة من ذلك، عاد الأمير تشونغ من منفاه واعتلى العرش فكافأ كل من ساعده بمناصب رفيعة .

ولكن، بسبب وجود وزراء غادرين في بطانة الملك، رفض جيه المنصب وعاد مع والدته إلى مسقط رأسه، حيث أوى إلى جبل ميانشان هارباً. كان يعز علي الملك أن يفارقه جيه فأمر الملك بإشعال النيران في جوانب الجبل وترك جانباً وحيداً لكي يخرج جيه منه، ولكن الرجل الفاضل اختار الموت حرقاً مع والدته. وتخليداً لذكرى هذا البطل الذي فضل الموت على المنصب الرفيع، صار الناس يمتنعون في يوم ذكراه كل سنة عن إشعال النار فيأكلون أطعمتهم باردة.

واستمر هذا التقليد حتى تحول إلى "عيد هانشي"، أحد الأعياد التقليدية الصينية. ونظراً لأن موعد "هانشي" قريب من موعد عيد تشينغمينغ، تم دمج العيدين في عيد واحد تدريجياً، وأصبح عيد هانشي اسماً آخر لعيد تشينغمينغ.

يشتهر جبل ميانشان بمناظره العجيبة. فيه أكثر من مائة كهف كارستي بمختلف الأحجام، أكبرها كهف باوفو (حامل البطن)، الذي يبلغ ارتفاعه نحو ستين متراً وطوله مائة وثمانون متراً، وعمقه حوالي خمسين متراً. يشبه الكهف رجلاً قوياً يحمل بطنه الكبير بيديه. بني في هذا الكهف الكبير معبد يونفونغ الذي يضم أكثر من مائتي غرفة.


معبد يونفونغ

إن الاسم الأصلي لمعبد يونفونغ هو معبد باوفو، وفيه تمثال للبوذا كونغ وانغ، باعتباره أول بوذا من رهبان قومية هان، وكان اسمه البوذي هوي تشاو، ويحظى بمكانة عالية في تاريخ البوذية الصينية بفضل جهوده العظيمة في نشر العقيدة البوذية في منطقة جبل ميانشان.

إن "تعليق الجرس" من العجائب في معبد يونفونغ، وكان من الشعائر البوذية للصلاة من أجل المطر في فترة أسرة تانغ (618م – 907م)، ثم أصبح عادة شعبية لأهل منطقة جبل ميانشان. بعد تقديم القرابين والنذور للبوذا، يطلب الناس من راهب المعبد تعليق الجرس في جدران كهف باوفو.

استمرت هذه العادة عند أهل جبل ميانشان منذ زمان، وحاليا يوجد في محيط مدخل كهف باوفو عدد لا يحصى من الأجراس المعلقة، تصدر رنينا رخيما كلما هبت عليها رياح الجبل.

إلى جانب المعابد البوذية المتعددة، يحتضن جبل ميانشان الكثير من المعابد الطاوية، أكبرها معبد دالوقونغ الذي تبلغ مساحته الإنشائية أكثر من ثلاثين ألف متر مربع، ويضم كافة أنواع التماثيل الطاوية. يبلغ الارتفاع من ساحة انتظار السيارات إلى قمة المعبد، أكثر من مائة وعشر أمتار، أي ما يعادل ارتفاع بناية من خمسة وثلاثين طابقاً.

معبد دالوقونغ الثري بمحتوياته الثقافية، تعرض في قاعته الرئيسية تماثيل متنوعة يرجع تاريخها إلى فترات تاريخية مختلفة، من أسرة تانغ إلى أسرة تشينغ (1636م – 1911م)، ولهذا يحمل هذا المعبد لقب "كنز دونغهوانغ الثقافي في مقاطعة شنشي". في مكتبة الكتب الكلاسيكية بالطابق الرابع للمعبد، توجد كمية هائلة من الكتب الكلاسيكية المتنوعة النادرة.

ينتصب جبل ميانشان عمودياً، وكأن فأس السماء شقته إلى نصفين. يصل أعلى ارتفاع له إلى 6ر2566 متراً. يسيطر الشعور بالخطر على معظم زوار جبل ميانشان. إلى جانب المعابد المبنية على الأجرف، يوجد أيضاً في الجبل فنادق، يشعر النزلاء وهم ينظرون من نوافذها أنهم بين الضباب والسحب.

جبل ميانشان به كثير من الممرات القديمة، يشعر الزائر وهو يسير فيها أنه يمشي بين سحب السماء. يبلغ امتداد أطول ممر ثلاثمائة متر، وعرضه أقل من متر، والمسافة بينه وبين سفح الجبل أكثر من ثلاثمائة متر.

إضافة إلى المناظر العجيبة والأخطار، لا يخلو ميانشان من اللطف والأناقة. فيه وادي تشيشيان الذي تنتشر فيه أحجار مختلفة الأشكال. عندما يقف المرء في قاع هذا الوادي وينظر إلى السماء منصتاً إلى أصوات الرياح والأشجار، يشعر كأنه في الجنة وينسى هموم الدنيا. في وادي قوتنغ (النباتات المعترشة القديمة)، توجد نباتات معترشة قديمة، وشلالات، وأشجار عجيبة الأشكال وفواكه برية وأعشاب طبية نفيسة.

إن المواصلات في منطقة ميانشان سهلة، إذ يمكن الوصول بالسيارة إلى معبد تشنغقوه الذي يقع في سفح الجبل. وللذهاب إلى المعابد المبنية في الجبل، تحتاج أن تصعد مئات الدرجات للدرب الجبلي.

يقول المحليون إن هذا الدرب الصعب كان الطريق الوحيد للوصول إلى المعبد، والآن، يمكن للسياح الوصول إلى مدخل المعبد مباشرة بالمصعد الكهربائي مقابل خمسة عشر يواناً. قامت شركة سانجيا، التي طورت السياحة في ميانشان، بتركيب المصعد الكهربائي الذي يبلغ ارتفاعه مائة وثمانين متراً، في بطن الجبل. هذا المشروع المدهش لم يؤثر في مناظر المعابد ووفر تسهيلات للزوار، ويعد مزيجاً مثالياً بين التقنيات الحديثة والبنايات التقليدية.

تتمتع منطقة جبل ميانشان بمواصلات سهلة. توجد حافلات عامة من مدينة تاييوان حاضرة شنشي إلى جبل ميانشان. ويمكن الذهاب إليه من بكين بالقطار السريع إلى محطة جيشيو الشرقية، ثم الذهاب بالحافلات العامة من قلب تاييوان إلى جبل ميانشان.

سعر تذكرة دخول منطقة جبل ميانشان مائة وعشرة يوانات، منها خمسون يواناً للحافلة السياحية. وعلى الذين يركبون سياراتهم الخاصة، دفع خمسين يواناً كرسم لموقف السيارات.

يوجد في منطقة جبل ميانشان فنادق عديدة بنيت قرب معبد يونفونغ بجانب الجبل. يمكن للزائر التمتع بمناظر الوادي من هذه الفنادق. سعر الغرفة لفردين في موسم الذروة السياحي أربعمائة يوان تقريباً لليلة واحدة، أما في موسم الركود السياحي فيكون نحو مائتي يوان.

وبالإضافة إلى ذلك، إن اللوحات الإرشادية والمعلومات في منطقة ميانشان السياحية متوفرة باللغات الصينية والإنجليزية والروسية والكورية واليابانية.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي