CRI Online

جهود الصين في مكافحة تلوث التربة

cri       (GMT+08:00) 2014-06-18 10:52:37


تُعد محافظة هوانجيانغ أكبر موطن للأنثراسايت (الفحم بلا دخان) والرصاص والزنك في منطقة قوانغشي ذاتية الحكم بمنطقة جنوبي غربي الصين، حيث تشكل عائدات التنمية المعدنية، 80 في المئة من إيرادات الصناعة و60 في المئة من إجمالي الميزانية المالية في المحافظة. وإن العاصفة الممطرة التي حدثت في عام 2001، أدت إلى انهيار نفايات الخامات التابعة لثلاثة مؤسسات في المحافظة، مما أسفر عن تلويث آلاف الهكاتارات من الحقول الزراعية بالمعادن الثقيلة، وحتى اليوم، فإن الغالبية العظمى من الأراضي الملوثة لا يمكن الزراعة فيها.

وبسبب تراكم كمية كبيرة من نفايات الخامات في قرية يوانغتشيوان في محافظة هوانجيانغ، هناك قطع كبيرة من الأراضي أصبحت جرداء خلال عقد من الزمن، وفي هذا الصدد، قال ليو تشن قوي خبير استصلاح الأراضي:

"وعلى العموم، تُستخدم الطبقة الأولى من التربة التي يتراوح عمقها بين 10—25 سم، لزراعة المحاصيل، لكن نفايات الخامات تغطي هذه التربة المناسبة والصالحة للزراعة."

وتجدر الإشارة إلى أن العاصفة الممطرة في تلك السنة، أسفرت عن تلويث أكثر من 346 هكتارا من الأراضي الزراعية في محافظة هوانجيانغ بشكل خطير، بالإضافة إلى تلويث 268 هكتارا من الأراضي الأخرى بمختلف الدرجات. ودمرت العاصفة الممطرة ديار المحليين، وفي الوقت نفسه، أدت إلى خفض حجم الحبوب الغذائية بما يقرب من 29 ألف طن كل سنة، وبعد فقدان الأراضي الزراعية، لا يتمكن المزارعون من كسب الرزق إلا من خلال العمل في المدن أو زراعة المحاصيل في الأراضي الخفيفة التلوث خلال سنوات عديدة، وفي هذا الصدد، قال السيد منغ يى شان أحد مسؤولي قرية يوانغتشيوان:

"الآن، يصل ناتج قصب السكر لكل مو إلى 2-3 أطنان، وإن لم تكن الأراضي ملوثة، فإن الناتج سيصل إلى سبعة –ثمانية أطنان."

ولكن، في الوقت الحالي، إن أكثر ما يقلق القرويين، ليس التلوث الذي قد حدث، بل نفايات الخامات المتراكمة في المكان العلوي من القرية، وإذا تم انهيارها من جديد، ربما سيفقد السكان ديارهم على الإطلاق، إذ قال السيد ليو تشن قوي:

"إن ما يقلقنا هو مدى متانة السدود لفصل نفايات الخامات عن الأراضي الزراعية، وإن تم انهيارها، فهذا سيؤدي إلى التلوث مرة ثانية."

وبسبب وجود الموارد الوفيرة من الرصاص والزنك والحديد، تم بناء أكثر من 40 مصنعا لاستغلال الفحوم في محافظة هوانجيانغ خلال فترة ما بين عام 1992 حتى عام 2001، وفي ظل نقص الرقابة الصارمة، عملت بعض المصانع على استغلال الفحم بصورة عشوائية، مما أدى إلى التلوث الشديد. وبعد وقوع حادث التلوث عام 2001، بدأت الحكومة المحلية تكثف الجهود في معالجة مصانع التعدين، وحتى الآن، انخفضت عدد مصانع التعدين إلى ثمانية، ولكن انخفاض عدد المصانع لا يشير إلى تحقيق الأمن، لأن نفايات الخمات المحيطة بالحقول الزراعية تبدو كأنها قنبلة موقوتة تهدد سلامة الحقول الزراعية. وفي ظل ذلك، واجهت محافظة هوانجيانغ عديدا من المشاكل والصعوبات في معالجة التلوث، إذ قال السيد وي يا تيه نائب مدير مكتب حكومة هوانجيانغ:

" تتمثل المشكلة والصعوبة التي نواجهها الآن، في نقص الميزانية المالية، وحقيقة أنه من الصعب جدا معالجة نفايات الخامات اعتمادا فقط على الميزانية المالية في المحافظة."

وعند إلقاء النظرة إلى البلاد بأسره، وبسبب نمط التنمية المفرطة ونقص الرقابة، تفاقمت مشكلة تلوث الأراضي. وتحت قيادة وزارة حماية البيئة ووزارة الأراضي والموارد الطبيعية، أُصدر مؤخرا لأول مرة بيان تلوث الأراضي بعد المسح الوطني الذي استغرق ثماني سنوات، وغطى 6.3 مليون كيلومترا مربعا من مساحة الوطن، وركز أساسا على الكائنات الملوثة الضارة للمنتجات الزراعية وصحة الإنسان، حيث أشار البيان إلى أن الظروف البيئية عموما لا تدعو إلى تفاؤل، وتعرضت بعض المناطق لمشكلة التلوث الشديدة، وفي هذا الصدد، أشار لين يو سوه مدير المختبر الوطني لمكافحة تلوث التربة قائلا:

"في بعض المناطق التي شهدت تطورا في وقت مبكر نسبيا، مثل دلتا نهر اللؤلؤ، ودلتا نهر اليانغتسى، ومناطق بكين، وتيانجين، وخبي، والقواعد الصناعية القديمة بشمال شرق البلاد، كانت مشكلة تلوث الأراضي خطيرة وشديدة نسبيا."

وتجدر الإشارة إلى أن تلوث الأراضي تشكل تدريجيا خلال عملية التنمية الاقتصادية على المدى الطويل، وتمثل الأنشطة البشرية مثل صناعة التعدين والزراعة سببا رئيسيا في تلوث التربة، وفي الوقت نفسه، أسفر تلوث التربة عن تلوث المياه الجوفية والمنتجات الزراعية، وفي هذا الصدد، قال السيد لين يو سوه:

"إن أنواع تلوث التربة في الصين تكون أكثر تعقدا، وتنقسم إلى فئتين رئيستين: الفئة الأولى تتمثل في تلوث الحقول الزراعية، مما أثر سلبا على نمو المحاصيل، وأدى إلى وجود العناصر الملوثة المفرطة في المنتجات الزراعية. والفئة الثانية تتمثل في بناء المباني أو المدارس على الأراضي الملوثة، فقد يشكل ذلك خطرا على صحة الإنسان."

وفي الوقت الحاضر، أجرى الخبراء الصينيون تحليلا منهجيا في بعض المناطق الملوثة، وبدأوا تنفيذ أعمال الإصلاح في بعض المساحات النموذجية."

ولكن، كما نعرف أن التلوث سهل، ومعالجته صعبة. ومن أجل معالجة تلوث التربة في محافظة هوانجيانغ، خصصت وزارة حماية البيئة 24.5 مليون يوان في عام 2011 لمعالجة 1280 مو من الأراضي الملوثة باتخاذها كمساحة تجريبية، وذلك بمساعدة الإرشاد المهني من الأكاديمية الصينية للعلوم. وفي الحقول التجريبية في محافظة هوانجيانغ، تمت زراعة نبات السرخس (العشب حريش)، وقال ليو تشن قوي خبير استصلاح التربة:

"يمكن حصاد العشب حريش مرتين كل سنة، حيث تركزت المعادن الثقيلة في ساقها، وتزداد نسبة المعادن الثقيلة في الجزء الأعلى منها، وبعد حصادها كل مرة، نقوم بإحراقه في معدات معينة."

وبعد سنتين من عملية المعالجة، تحولت الأراضي الصلبة القاحلة إلى الأراضي اللينة مثل الماضي. وأشار الخبير ليو تشن قوي إلى أنه بعد عملية الفرز والاختيار، أكدت النتائج أن قصب السكر وأشجار التوت والذرة تنتمي إلى فئة منخفضة المعادن الثقيلة المتراكمة، فلن تدخل المعادن الثقيلة إلى السلسلة الغذائية للإنسان، لذا، يمكن زراعة هذه النباتات على نطاق واسع في الحقول الملوثة.

وبسبب أن المعادن الثقيلة أثرت سلبا على قدرة التربة على التكيف الذاتي، لذا، من الضروري تنفيذ عملية المعالجة على المدى الطويل، وإلى جانب ذلك، لم يتم اكتشاف طريقة ناضجة لمعالجة تلوث التربة، فإنه من الصعب جدا معالجة التلوث بالمعادن الثقيلة جذريا خلال فترة قصيرة. وفي هذا الصدد، قال الخبير ليو تشن قوي:

"لأن مشكلة التلوث خطيرة نسبيا، لذا، من الصعب معالجتها خلال فترة قصيرة، وقد استغرقنا عشر سنوات في دراسة التقنيات وتطويرها لمعالجة التلوث في محافظة هوانجيانغ."

وأشارت البيانات إلى أن مساحات الأراضي الملوثة بالدرجة المتوسطة والشديدة، تصل إلى 50 مليون مو، وهو ما يمثل 3 في المئة من إجمالي مساحات الأراضي الزراعية التي تبلغ 1.8 مليار مو. وباستثناء المعادن الثقيلة، إن الأسمدة والمبيدات لا يمكن إهمالها بصفتها إحدى المصادر الرئيسية المسببة في تلوث الأراضي، وفي هذا الصدد، أشار تشن فنغ تيان أستاذ معهد الزراعة والتنمية الريفية بجامعة الشعب الصينية قائلا:

"من أجل زيادة إنتاج المحاصيل، تم استخدام كمية كبيرة من المبيدات والأسمدة في 1.8 مليون مو من الأراضي الزراعية، وإن لم يتم امتصاصها من قبل المحاصيل، فإنها تدخل عموما إلى التربة والمياه الجوفية، مما أدى إلى التلوث والخطر في صحة الإنسان."

وأكد السيد تشنغ فنغ تيان ضرورة بناء آلية مناسبة لتشجيع أساليب الزراعة التقليدية، واستخدام الأسمدة بصورة علمية، بغية الحد من التلوث الناجم عن الاستخدام المفرط للأسمدة والمبيدات، وبالإضافة إلى ذلك، وبشأن تلوث الأراضي الزراعية، يجب على الدولة إنشاء صندوق إصلاح لتشجيع الحكومات المحلية والمزارعين على المشاركة في معالجة التلوث ومكافحته.

وخلال المؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني الذي عُقد في مارس العام الجاري، أكد رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ أثناء إلقاء خطاب عمل الحكومة، على ضرورة إعلان الحرب مثل مكافحة الفقر لمواجهة تلوث الهواء والماء والتربة في بعض المناطق. ويُذكر أن وزارة حماية البيئة تعمل حاليا مع الأجهزة المعنية على وضع خطة لمنع تلوث التربة ومكافحته، وفي الوقت نفسه، تم إدراج حماية التربة في الخطة التشريعية خلال الدورة ال12 من اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، وقد تم تشكيل مشروع القانون في الوقت الحالي.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي