CRI Online

رعاية المسنين في الصين

cri       (GMT+08:00) 2014-07-16 14:11:02

تماشيا مع التطور السريع للاقتصاد الصيني، سيقترب العائد الديموغرافي الذي يعتبر دافعا للتطور الاقتصادي إلى نقطة النهاية. واحتدّ التناقض بين تعديل التركيبة السكانية وحاجات التطور الاجتماعي والاقتصادي. وأصبحت رعاية المسنين مشكلة رئيسية في المجتمع الصيني حاليا. كيف جعلها تخرج من عنق الزجاجة؟ وسنبحث عن حل لها في هذه الحلقة.

ووفقا للإحصائيات المعنية، ستستقبل الصين أول ذروة لزيادة عدد المسنين الذين يبلغ عمرُهم أكثر من ستين عاما، وسيتجاوز عددهم مائتي مليون نسمة.

وجدير بالذكر أن الصين بدأت تنفذ سياسة تنظيم الأسرة في السبعينات من القرن الماضي، وتشكلت التركيبة العائلية تدريجيا، حيث تتكون الأسرة النموذجية من أربعة أجداد ووالدين وطفل واحد. بينما أصبح من يُسمى ب((المسنين في العُش الفارغ)) مجموعة ضخمة ومتزايدة.

في الساعة الثامنة والنصف كل صباح، ستجلس السيدة لي سو شيا التى تسكن في مدينة تيانجينغ أمام شاشة التلفزيون لمشاهدة البرنامج بعنوان (( الطريق المؤدي إلى الصحة والعافية)). وبلغ عمرها خمسة وستين عاما، وقالت إنها تشاهد هذا البرنامج كل يوم بعد تقاعدها في عام 1999.

"أريد أن أجد السبل المفيدة لتحسين صحتي وصحة زوجي الذي اُصيب بالسكتة الدماغية في العام السابق وتعذب لمرض ضغط الدم المرتفع لمدة طويلة. ومن خلال مشاهدة هذا البرنامج، عرفتُ كيفية السيطرة على الأعراض وعدم تفاقم المرض والوقاية من الأمراض الأخرى. ويعمل ولدنا في مدينة أخرى، فنرعي بعضنا البعض لنتجنب الأمراض سعيا لتخفيف أعباء ولدنا."

تعد السيدة لي سو شيا واحدة ممن يُسمى ب((المسنين في العُش الفارغ)) في الصين. وبعد تخرج ولدها من الجامعة، وهو يعمل في مدينة أخرى، وغالبا ما يكون مشغولا كل يوم، فيعود إلى البيت كل بضعة أشهر. وبسبب ذلك، تكنّ السيدة لي وزوجها قلقا شديدا إزاء المستقبل. أما أختها الكبيرة لي سو تشون فتقلق بشكل أشدّ حول المعاش. وقالت إن حياتها في الشيخوخة تتوقف على المعاش لها ولزوجها.

"تقاعدتُ من العمل في عام 1997، ثم تقاعد زوجي في عام 2007. ونحن عاملان عاديان. وكان المعاش لي خمسمائة يوان فقط في البداية، وازداد إلى أكثر من ألف يوان فقط حاليا. ونظرا لقلة المعاش، يتعين عليّ أن أذهب إلى البنك لسحب المال من حسابي كل شهر، بينما سأدفع المصروفات المتعلقة بالماء والكهرباء والغاز الطبيعي والاتصالات الهاتفية، كما سأصرفها لشراء الحاجات اليومية، بالإضافة إلى الوجبات في المطاعم مع أقربائنا وأصدقائنا في بعض الأحيان. والتحقتُ بجامعة المسنين أيضا، فيجب عليّ دفع تكلفة الدراسة. وكثيرا ما يسكن معنا حفيدُنا، فلا بد أن أدفع تكاليف المواصلات لمرافقته إلى المدرسة وتسليمه منها. وعلى كل حال، غالبا ما لم يبق المال في حسابي."

وبالإضافة إلى المشكلة المالية، ظلت تُحيّر السيدة لي سو تشون مشكلة أخرى حول اختيار أي طريق للقضاء على الشيخوخة.

"الآن، ما زالت صحتي جيدة، فقررتُ أن أسكن في بيتي، وهكذا، أستطيع المعيشة مع ولدي، علاوة على تخفيف الأعباء المفروضة على المجتمع. وإذا أصبحت صحتي غير جيدة بعد بلوغي سنّا معينا، ربما سأفكر في المعيشة في دار رعاية المسنين، وهكذا، نستطيع تخفيف أعباء ولدي. ولكن، سمعتُ أن الكثير من الناس يصطفون للالتحاق بدور رعاية المسنين الرسمية، حتى لا يدخلها بعضُهم بعد الانتظار لمدة عشر سنوات. أما دور رعاية المسنين الخاصة فمصروفاتها عالية، ولا يكفيها المعاش التقاعدي لديّ على الإطلاق."

ويواجه الكثير من المسنين الصينيين نفس المشاكل: بدون مرافقة أولادهم خلال فترة الشيخوخة وقلة المعاش والحيرة في اختيار دار رعاية المسنين وإلخ... وأعلنت اللجنة الوطنية الصينية لشؤون المسنين أن عدد المسنين في العش الفارغ تجاوز مائة مليون نسمة في الصين في نهاية العام الماضي. وقد وصل العجز في معاشاة التأمين على الشيخوخة للموظفين والعمال في المناطق الحضرية إلى تريليونين و950 مليار يوان في نهاية العام الماضي، بينما تقدم أجهزة رعاية المسنين سريرين فقط لكل مائة مسن في الصين. ويوجد فرق هائل بين الطلب والعرض في مجال رعاية المسنين حاليا.

وفي هذا الخصوص، أكد السيد قو باو تشانغ – الأستاذ في مركز دراسات السكان والتنمية في جامعة الشعب الصينية أن الصين ما زالت تقع في بداية المأزق حول رعاية المسنين، وستواجه المزيد من المشاكل في المستقبل.

"ما زال المأزق في المرحلة البدائية، ولم تأت حدتُه. وسيزداد عدد المسنين سنة بعد سنة. وتماشيا مع ارتفاع مستوى المعيشة، أصبح متوسط أعمار السكان أطول، بينما ينخفض عدد الشباب تدريجيا، فتحول البلد إلى مجتمع الشيخوخة بشكل سريع، وما زال يفتقر إلى تغطية الضمان الاجتماعي وتكامل خدماته."

كيف تخرج الصين من هذا المأزق؟ وما هو اتجاه الطريق الصحيح؟ وإزاء هذه المشكلة، قال السيد تشاي تشن وو - الأستاذ في معهد العلوم الاجتماعية والديمغرافية بجامعة الشعب الصينية:

"ازداد عدد السكان بشكل سريع في الصين خلال الخمسينات من القرن الماضي. فأنشأ بلدنا العديد من روضات الأطفال ودور الحضانة والمدارس الابتدائية، فمرّ بذروة إنجاب الأطفال بنجاح. ويمكن القول إن النظام التعليمي تم تأسيسُه بشكل جيد. وقد دخل المواليد في الخمسينات من القرن الماضي فترة الشيخوخة حاليا، فيتعين بناء أجهزة الخدمات الاجتماعية، وفي مقدمتها، أجهزة رعاية المسنين."

وتلبية لمقترحات الخبراء، اتخذت حكومة الصين إجراءات مماثلة لتسوية هذه المشكلة. وفي العام الماضي، أصدرت ((القانون المعدل لحماية حقوق ومصالح المسنين لجمهورية الصين الشعبية)) و((عدة الآراء بشأن الإسراع بتنمية خدمات رعاية المسنين)). وطرحت الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني أفكارا عديدة لحل مشكلة رعاية المسنين، مثل تأمين الشيخوخة بالاعتماد على الممتلكات العقارية لدى المسنين وتأجيل عمر التقاعد والتخلي عن سياسة تأمين الشيخوخة التقليدية الثنائية المسارين (الازدواجية) وتعميم التعامل بالبطاقات التأمينية في جميع المدن وغيرها، وتشجع أيضا الاستثمار بمختلف الأشكال في مجال رعاية المسنين حتى يجعله يتطور بشكل كبير. وقال السيد هو شياو يي – نائب وزير الموارد البشرية والضمان الاجتماعي الصيني:

"بالنسبة إلى بعض المسنين، تنقصهم عاملات لتقديم الخدمات في منازلهم وأحيائهم السكنية، نظرا لأن الأجهزة الخادمة للمسنين ما زالت قليلة، وتعرضوا لصعوبات عند الالتحاق بدور رعاية المسنين. وأرى أنه من أجل حل هذه المشاكل، يتعين جعل الأسواق تلعب دورا حاسما في توزيع الموارد، بينما تلعب الحكومة دورا إيجابيا لتسوية هذه المشاكل."

ومن أجل تحسين التركيبة السكانية التى تجعل قضية رعاية المسنين تخرج من المأزق، تم تعديل سياسة تنظيم الأسرة خلال السنوات الأخيرة، ومنذ بداية العام الحالي، يحقّ للزوجين إنجاب طفلين إذا كان أحدهما وحيدا لدى والديه.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي