تذكر الغاية الأصلية والرسالة والتمسك بالتضامن والتعاون لتحقيق مزيد من التطور

 كلمة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جينبينغ في الدورة الـ23

 لاجتماع مجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون

(يوم 4 يوليو عام 2023، عبر الاتصال المرئي)

 

 

رئيس مجلس الوزراء ناريندرا مودي المحترم،

أيها الزملاء المحترمون،

أتقدم بالشكر للهند التي تتولى الرئاسة الدورية على استضافة هذه القمة لمنظمة شانغهاي للتعاون .

في هذه القمة، سيتم قبول إيران كعضو للمنظمة والتوقيع على مذكرة التفاهم بشأن التزامات بيلاروسيا للانضمام إلى المنظمة، الأمر الذي يعكس مدى الحيوية والنشاط للمنظمة كأسرة كبيرة. بهذه المناسبة، يطيب لي أن أتقدم بالتهاني لإيران وبيلاروسيا.

أيها الزملاء!

قبل 10 سنوات، في وجه التغيرات التي تطرأ على العالم والعصر والتاريخ، أكدت أن البشرية تعيش في نفس القرية العالمية، التي تصبح بصورة متزايدة مجتمع مستقبل مشترك تترابط فيه ترابطا وثيقا. على مدى العقد المنصرم، يحظى مفهوم مجتمع المسقبل المشترك للبشرية بقبول ودعم على نطاق واسع في المجتمع الدولي، ويتحول هذا المفهوم من مقاربة ورؤية إلى خطوات ووقائع. وفي هذه العملية، تسير منظمة شانغهاي للتعاون في طليعة العصر متمسكة بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية ورافعة "روح شانغهاي" وساعية إلى بناء مجتمع المستقبل المشترك لمنظمة شانغهاي للتعاون.

---- نتمسك بالتقاليد الحميدة المتمثلة في التضامن والتساند بروح الفريق الواحد، ونتبادل الدعم الثابت للحفاظ على مصالحنا الجوهرية، وأصبحنا شركاء موثوقا ببعضهم البعض في الطريق نحو التنمية والنهضة.

---- نطبق المفهوم الأمني المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، ونراعي الهموم الأمنية المعقولة لكافة الأطراف، ونتخذ إجراءات شاملة لمواجهة مختلف التحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية، وندافع سويا عن السلام والأمن والأمان في المنطقة، ونبذل جهودا مشتركة لتهيئة ظروف مواتية لتحقيق التطور والازدهار في دول المنطقة.

---- نلتزم بالمفهوم التنموي القائم على الابتكار والتنسيق والخضرة والانفتاح والتقاسم، ونعمل على المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية الوطنية ومبادرات التعاون الإقليمي، وإيجاد نقاط النمو للتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والتواصل والترابط والطاقة والزراعة والمالية والابتكار التكنولوجي، وندفع بالتنمية المشتركة والمنسقة لاقتصادات دولنا.

---- نوارث روح حسن الجوار والصداقة، ونتمسك بالمساواة والاستفادة المتبادلة والحوار والتسامح بين الحضارات، وندعو إلى التعايش السلمي والمتناغم بينها، ونوسع التعاون الإنساني والثقافي، بما يرسخ الأسس الشعبية لتطور العلاقات بين دولنا.

---- نحافظ على العدالة والإنصاف الدوليين، ونعارض تصرفات الهيمنة والطغيان والتنمر، ونعمل على توسيع "دائرة الأصدقاء" للمنظمة وإقامة علاقات الشراكة القائمة على الحوار والترافق بدلا من المجابهة والتحالف، مما عزز القوة التقدمية لصيانة سلام العالم واستقراره.

أيها الزملاء!

يشهد عالم اليوم تحولات واضطرابات متشابكة، وتتطور التغيرات غير المسبوقة منذ مائة سنة بوتيرة متسارعة، ويواجه المجتمع البشري تحديات لا مثيل لها. في هذا السياق، يطرح سؤال العصر مرة أخرى: التضامن أو الانقسام؟ السلام أو الصراع؟ التعاون أو التصادم؟ إن جوابي هو أن تطلعات شعوب الدول إلى حياة جميلة هي ما نسعى إليه، وتيار العصر المتمثل في السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك لا يقاوم.

في السنوات الأخيرة، تتطور وتتنامى منظمة شانغهاي للتعاون بشكل متواصل، وهي تواجه فرصا سانحة للتنمية ومخاطر وتحديات غير مسبوقة. قال الشاعر الهندي رابندراناث طاغور إن "القناعة تحث الناس على مواجهة المستقبل المجهول بشجاعة". علينا أن نتحمل المهام الثقيلة التي أناطها بنا العصر، ونتذكر الغاية الأصلية والرسالة جيدا، ونتمسك بالتضامن والتعاون، بما يضخ مزيدا من العوامل المؤكدة والطاقة الإيجابية للحفاظ على السلام والتنمية في العالم. في هذا السياق، أود أن أطرح الاقتراحات التالية:

أولا، التمسك بالاتجاه الصحيح وتعزيز التضامن والثقة المتبادلة. تبقى منظمة شانغهاي للتعاون صامدة أمام الاختبارات الخطيرة الناجمة عن تغيرات الأوضاع الدولية منذ تأسيسها قبل أكثر 20 سنة، وظلت تمضي قدما نحو الاتجاه الصحيح المتمثل في تعزيز التضامن والثقة المتبادلة والتنمية والتعاون. قد جمعنا خبرات ثمينة من الممارسات، وحققنا نتائج تنموية لم تأت بسهولة. أثبتت الحقائق أنه سنتمكن من الحفاظ على أمن الدول الأعضاء ومصالحها التنموية على نحو جيد طالما نأخذ المصلحة العامة بعين الاعتبار ونتحمل المسؤولية والرسالة ونزيل كافة التشويشات.

علينا أن نعزز التواصل والتعاون الاستراتيجيين، وندعو إلى تسوية الخلافات عبر الحوار وتجاوز التنافس عبر التعاون، ونتخذ إجراءات ملموسة لاحترام المصالح الجوهرية والهموم الكبرى للأطراف الأخرى، ونتبادل الدعم الثابت لجهودنا في تحقيق التنمية والنهضة. وعلينا أن نضع سياسات خارجية بشكل مستقل انطلاقا من المصلحة العامة والبعيدة المدى للمنطقة. وعلينا أن نبقى على درجة عالية من الحذر من قيام القوى الخارجية بالتحريض على "الحرب الباردة الجديدة" وإحداث المواجهة بين المعسكرات في المنطقة، ونرفض رفضا قاطعا قيام أي بلد بالتدخل في الشؤون الداخلية وتخطيط "الثورة الملونة" تحت أي ذريعة، ونتحكم في مستقبل بلادنا ومصيرها للتنمية والتقدم بقوة.

ثانيا، الحفاظ على السلام في المنطقة وضمان الأمن المشترك. يعتبر تحقيق الأمن والأمان الدائمين في المنطقة من مسؤولياتنا المشتركة. إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع كافة الأطراف على تنفيذ مبادرة الأمن العالمي، والتمسك بتسوية الخلافات والصراعات بين الدول عبر الحوار والتشاور، والدفع بحل القضايا الدولية والإقليمية الساخنة سياسيا، بما يحصّن السياج الأمني في المنطقة.

علينا أن نرفع مستوى التعاون الأمني للمنظمة، ونستمر في إطلاق عمليات مشتركة، ونضرب بيد من حديد "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" وغيرها من "القوى الثلاث" وتهريب المخدرات والجرائم السيبرانية والجرائم المنظمة العابرة للحدود. وعلينا أن نسرع في استكمال آلية التعاون في مجال الأمن وإنفاذ القانون للمنظمة، ونوسع التعاون في المجالات الأمنية غير التقليدية مثل أمن البيانات والأمن البيولوجي وأمن الفضاء الخارجي. وعلينا أن نواصل تفعيل دور آلية التنسيق والتعاون بين دول الجوار لأفغانستان وغيرها من المنصات، لزيادة الدعم الإنساني لأفغانستان، ودفع السلطات الحاكمة فيها لإنشاء هيكل سياسي واسع ومحتضن، والسير على طريق إعادة الإعمار السلمي.

ثالثا، التركيز على التعاون العملي وتسريع وتيرة التعافي الاقتصادي. يعد تعزيز النمو الاقتصادي مهمة مشتركة لدول المنطقة. يحرص الجانب الصيني على بذل جهود مشتركة مع كافة الأطراف لتنفيذ مبادرة التنمية العالمية والتمسك بالاتجاه الصحيح للعولمة الاقتصادية، ورفض النزعة الحمائية أو العقوبات الأحادية الجانب أو توسيع مفهوم الأمن القومي، ورفض "بناء أسوار ووضع حواجز" أو "فك الارتباط وقطع السلاسل"، والعمل على تكبير "الكعكة" للتعاون المتبادل المنفعة، بما يجعل نتائج التنمية تفيد شعوب العالم بشكل أوفر وأكثر عدالة.

علينا أن نعزز المواءمة بين مبادرة التعاون في بناء "الحزام والطريق" بالجودة العالية والاستراتيجيات التنموية لدولنا ومبادرات التعاون الإقليمي، وندفع بتحرير التجارة والاستثمار وتسهيلهما على نحو معمق، ونسرع في بناء البنى التحتية للمعابر والممرات اللوجستية الدولية الواقعة في المنطقة، بما يضمن الاستقرار والانسياب لسلاسل الصناعة والإمداد الإقليمية. يصادف العام الجاري الذكرى الـ10 لمبادرة "الحزام والطريق" التي طرحتُها، وسيستضيف الجانب الصيني الدورة الـ3 لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي، ونرحب بكافة الأطراف للمشاركة في فعاليات المنتدى، والعمل سويا على توسيع وتمديد طريق السعادة هذا الذي يخدم العالم بأسره.

يقترح الجانب الصيني زيادة حصص التسويات بالعملات المحلية لدول المنظمة، وتوسيع نطاق التعاون بشأن العملات الرقمية السيادية، والدفع بإنشاء بنك تنمية تابع للمنظمة. يحرص الجانب الصيني على أن يتقاسم فرص السوق وخبرات التنمية، وينفذ برنامج تمكين المزارعين المحترفين الشباب، ويدرب الأكفاء في مجال التكنولوجيا الرقمية بالاعتماد على مركز التعاون بين الصين ومنظمة شانغهاي للتعاون في البيانات الصخمة، ويعقد منتدى التنمية الخضراء لدول المنظمة.

قد تم إنشاء عدة آليات التعاون على مستوى وزاري في مجال التعاون العملي في إطار المنظمة، وأنشأ الجانب الصيني أيضا منصات التعاون مثل المناطق النموذجية للتعاون الاقتصادي والتجاري على المستوى دون الوطني، والقواعد النموذجية للتبادل والتدريب في مجال التكنولوجيا الزراعية. علينا تفعيل الدور لتلك الآليات والمنصات بشكل فعال، وبذل كل الجهود لحل المشاكل العالقة والمستعصية في التعاون العملي، بما يعزز التنمية الاقتصادية العالية الجودة لدول المنظمة.

رابعا، زيادة التواصل والاستفادة المتبادلة وتعزيز التفاهم بين الشعوب. إن التنمية المتناغمة للحضارات المتنوعة تمثل تطلعات جميلة لشعوب المنطقة. نرحب بكافة الأطراف للمشاركة في تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية، لدفع التعايش المتناغم بين الحضارات المختلفة وتعزيز التعارف والتقارب بين شعوب الدول.

علينا أن نواصل تعميق التعاون في مجالات التعليم والتكنولوجيا والثقافة والصحة والرياضة والإعلام وغيرها، وندعم أعمال لجنة حسن الجوار والصداقة والتعاون لمنظمة شانغهاي للتعاون وغيرها من المنظمات غير الحكومية، ونقيم مزيدا من الفعاليات للتواصل الثقافي والإنساني. في السنوات الثلاث القادمة، سيقدم الجانب الصيني إلى دول المنظمة 1000 منحة دراسية للمعلمين الأجانب المتخصصين بتعليم اللغة الصينية، و3000 منحة دراسية في المخيم الصيفي لبرنامج "جسر اللغة الصينية"، وسيدعو 100 عالم شاب إلى الصين للتبادل بشأن البحوث العلمية. كما سينظم الجانب الصيني فعاليات مواضيعية بشأن النهوض بالأرياف ومواجهة تغير المناخ وغيرهما، ونرحب بجميع الأطراف للمشاركة النشطة فيها.

خامسا، تطبيق تعددية الأطراف واستكمال الحوكمة العالمية. يعد العدل والإنصاف من تطلعات مشتركة لدول المنطقة. فعلينا أن نكرس القيم المشتركة للبشرية جمعاء، ونحافظ بحزم على المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها والنظام الدولي القائم على القانون الدولي، ونعارض الهيمنة وسياسة القوة، وندفع بالحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر عدلا وإنصافا، وندفع بعملية التحديث للمجتمع البشري في إطار جهودنا المشتركة الرامية إلى تعزيز المساواة على أصعدة الحقوق والفرص والقواعد. ومن المطلوب دعم منظمتنا لتعزيز التواصل مع الدول المراقبة وشركاء الحوار والمنظمات الدولية والإقليمية مثل الأمم المتحدة، لبذل جهود مشتركة لبناء سلام العالم والإسهام في التنمية العالمية والحفاظ على النظام الدولي.

أيها الزملاء!

يعمل الشعب الصيني الآن على دفع التحديث الصيني النمط تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني. إن التحديث الصيني النمط المتميز بتغطية الحجم السكاني الهائل والرخاء المشترك لكافة أبناء الشعب والتوافق بين الحضارتين المادية والمعنوية والانسجام والوئام بين الإنسان والطبيعة وسلك طريق التنمية السلمية، خلق شكلا جديدا من الحضارة البشرية. في هذا السياق، نحرص على توفير فرص جديدة للتنمية إلى دول العالم، بما فيها دول منظمة شانغهاي للتعاون، بالاستفادة من الإنجازات الجديدة المحققة للتحديث الصيني النمط، بما يدفع ببناء عالم أجمل.

أيها الزملاء!

يهنئ الجانب الصيني الرئيس قاسم جومارت توكاييف على تسلمه رئاسة مجلس رؤساء دول المنظمة، مستعدا للعمل مع جميع الدول الأعضاء على دعم أعمال كازاخستان التي تتولى الرئاسة.

السير على الطريق الصحيح مدعوم، والسير مع الجماعة بعيد. إن منظمة شانغهاي للتعاون التي تتماشى مع تيار العصر وتتفق مع اتجاه تقدم البشرية، ستتنامى وتتعاظم بالتأكيد بفضل جهودنا المشتركة.

شكرا لكم.

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق