السنوات الستين الماضية في حياتي

تأسست جمهورية الصين الشعبية في أول أكتوبر عام 1949، وشهدت الصين تغيرات هائلة خلال السنوات الستين الماضية. وتماشيا مع تطور الدولة، شهد المواطنون الصينيون تغيرات كبيرة في حياتهم الشخصية.

الجزء الأول:

في أول أكتوبر عام 1949، أعلن الرئيس الصيني الراحل ماو تسي دونغ على برج بوابة تيان آن مون تأسيس جمهورية الصين الشعبية، وحينما كانت ترفرف الراية الوطنية الصينية الحمراء ذات النجوم الخمسة ببطء على ميدان تيان آن مون، كانت السيدة لين لي طفلة صغيرة بدأت تتعلم الكلام. أنجبتها والدتها التى كانت تعمل كصحفية في الجيش في ميدان المعركة العنيفة قبل تأسس الصين الجديدة بسنتين.

" ولدت في كنيسة، وكان الجيش يستخدمها كمستشفى عسكري مؤقت، وبعد ولادتي بوقت قليل، دمرت هذه الكنيسة بصواريخ، ومن حسن الحظ أنني لم أمت خلال هذه المصيبة الكبرى."

السيد لي مينغ تساي يبلغ الآن واحدا وسبعين سنة من عمره، وكان يسكن في قرية قوان دي ببلدة يان شي في محافظة هواي رو ببكين التى تبعد عن ميدان تيان آن مون بستين كيلومترا، وكان عمره أحد عشر سنة عندما تم تأسيس جمهورية الصين الشعبية، وكانت تجذبه أصوات المفرقعات الكبيرة في وسط المدينة. وما زال السيد لي مينغ تساي يحفظ حتى الآن مشهد دخول جيش التحرير إلى مدينة بكين:

" تأسست جمهورية الصين الشعبية، وساد مدينة بكين جو من السعادة والحماسة، وأقيم العرض العسكري في ميدان تيان آن مون احتفالا بتأسيس جمهورية الصين الشعبية."

وكان السيد لي مينغ تساي و السيدة لين لي صغيرين في السن، ولم يعرفا أن تلك اللحظة ستكون انطلاقا جديدا لهذه الدولة التى تعرضت لكثير من الكوارث والمشاق. وكما قال الرئيس الصيني الراحل ماو تسي دونغ إن الشعب الصيني أصبح سادة للدولة منذ ذلك الحين.

وقبل تأسيس الصين الجديدة، لم تكن للاغلبية من الفلاحين الصينيين أرض خاصة. ومن أجل كسب الرزق، كانوا يستأجرون الآراضي الزراعية من ملاكها، ثم يعطون معظم محصولاتهم الزراعية إلى الملاك. وكان السيد لي مينغ تساي فقيرا جدا، ولم يملك شبرا من الأرض، ويصعب عليه أن يتحصل على ما يلزمه من طعام. حيث قال السيد لي مينغ تساي:

" لم تكن لدىّ أطعمة لازمة في تلك الأيام، ولا مفرّ من أن أتحمل آلام الجوع. ورعت أسرتي حمارا، وبنينا جسرا صخريا صغيرا على النهر، ووضعنا بعض المحصولات الزراعية في الجبل على ظهر الحمار لبيعها خارج القرية. وكان والدي يعمل للأغنياء لمدة طويلة كل سنة من أجل كسب الأموال لشراء الأغذية الضرورية. ولم يكن لدى أسرتي دار حينذاك، وأسسنا كوخا صغيرا لم تكن فيه مساحة كافية للنوم. وإذا أردنا النوم، لا بد أن نجلس على الأرض على ظهور بعضنا البعض. "

وبعد تأسيس الصين الجديدة، انفتح باب الأمل لأسرة لي مينغ تساي رجاء لمستقبل أفضل. وقامت حكومة الصين بإصلاح نظام الآراضي على نطاق أوسع في تاريخ الصين خلال الفترة من شتاء عام 1950 إلى ربيع عام 1953، فحصل أكثر من ثلاثمائة مليون فلاح صيني لم يملك أرضا أو يملك قليلا من الأرض حصلوا مجانا على آراضيهم التى تجاوزت مساحتها ستة وأربعين مليون هكتار والمواد الإنتاجية الزراعية، وتم إعفاؤهم من اتاوتهم السنوية لملاك الآراضي الزراعية التى كانت تساوي أكثر من خمسة وثلاثين مليار كيلوغرام من الأغذية إجماليا.

وبعد تأسيس الصين الجديدة، شهدت تطورا سريعا من جديد في اقتصادها الوطني، مما أرسى أساسا لبناء آليتها الصناعية. وهكذا، بدأت الصين تطبق خطواتها التنموية الأولى لمدة خمس سنوات، وبدأت تتقدم في طريق النمو الصناعي بثقة تامة.

وكانت والدة السيد لين لي تعمل في وزارة السكك الحديدية، وتشرف على أعمال الاتصالات الخارجية لبناء جسر نهر اليانغتسي في مدينة ووهان وغيره من المشاريع الصناعية بمساعدة الاتحاد السوفيتي السابق. حيث قالت السيدة لين لي:

" كانت والدتي تشرف إشرافا رئيسيا على أعمال الاتصالات مع خبراء الاتحاد السوفيتي السابق وترتيب جدول أعمالهم، ومن ضمنها بناء جسر نهر اليانغتسي في مدينة ووهان. وتذكرت أن والدتي كانت مشغولة جدا، ولم يكن لديها وقت كاف لعنايتي، فكنت أذهب مع أمي إلى مكتبها كل يوم، وأمكث بجانبها أثناء عملها مع الخبراء السوفيت."

ومع أن الشعب الصيني يواجه كثيرا من الصعوبات، ولكنه حقق منجزات ضخمة تلفت أنظار العالم بشجاعتهم الشديدة وعزمهم الثابت. وقبل تأسيس الصين الجديدة، لم يكن للصين أي أساس للصناعة الثقيلة، وكانت منشآتها الأساسية متخلفة جدا. وبعد تطبيق الخطة التنموية بسنوات قليلة، تم إنشاء مؤسسات خاصة بالصناعة الثقيلة الواحدة تلو الأخرى، وأصبحت الطرق العامة والسكك الحديدية والجسور تتمدد إلى كل أنحاء البلاد. وتم صنع أول سيارة وأول طائرة بالصين وتم بناء أول جسر كبير عبر نهر اليانغتسي في الصين الجديدة، وتقدمت الصين إلى الأمام خطوة بعد خطوة، مما جعل كل المواطنين يفتخرون بالوطن الأم.