اليوم السابع من رحلة شمس إلى جنوب الصين

اليوم السابع (26 ديسمبر، بمدينة شيامن)

بدأت الجولة في الثامنة صباحاً. شعرت بإرهاق شديد وببرد يخترق جسدي،ربما لأني لم أنم سوى أربع ساعات فقط،وربما لأن الجو كان أبرد مما تخيلت حيث كانت درجة الحرارة أقل من 10 درجات وكانت ملابسي لا تناسب الجو.فلم أكن أتوقع أن تكون درجة الحرارة أمس 20 واليوم 10.

أخذت السيارة تشق الطرق الممهدة بين الجبال ثلاث ساعات تقريباً ، وصلنا بعدها إلى قرية "تولو" حوالي الساعة الحادية عشر. نزلت من السيارة وأنا أمني نفسي بمكان مريح يمكن أن أنال فيه قسطاً من الراحة وأن أحتسي كوباً من الشاي الصيني اللذيذ. لكنني وجدت ما هو أجمل من ذلك بكثير، وجدت ما أنساني كل آلامي،وجدت "جنة الأرض" كما يسميه أصحابه. هو عبارة عن بيوت قديمة يبلغ عمرها 700 عام تحتضنها الجبال من كل إتجاه.

إنها قرية "تولو" وهي مبان تقليدية لأهل "كه جيا" بها 1300 بيت من الطوب الطيني، تقع في محافظة "مانتي" مساحتها 2000 كيلو متر مربع. سكان هذه القرية هم أصل سكان مقاطعة تايوان. تشتهر بزراعة الفواكه مثل البرتقال والموز كذلك الشاي الصيني بجميع أنواعه بالإضافة إلى زهرة ال"أوكيت " التي هي رمز المحافظة.

أخذت مواد البناء كلها من الجبل مثل البامبو والرمل والطين ويوضع على هذه المكونات الأرز والسكر والجير عند البناء لجعلها أكثر تماسكاً.

ومن أهم أسباب وجود هذه القرية وجود الماء. ففي الجبال الكثير من الينابيع والمياة الوفيرة. عمر القرية أكثر من 700 عام حيث بنيت في عهد أسرة سونغ الملكية.

يشتهر سكان القرية بطول أعمارهم، فبمقاطعة فوجيان 1144 مسناً فوق 100 عام. ومن الطبيعي أن يعيش كثير من السكان هذا العمر لأن الجو نقي والأطعمة صحية معظمها من الطبيعة .

نرتفع الآن 1000 كم عن سطح البحر فمن فوق إحدى الجبال وقفنا لنأخذ صوراً للمكان الذي أدرجته منظمة اليونسكو في" قائمة التراث الثقافي العالمي " حيث أكد الخبراء أن هذه البنايات السكنية القديمة ذات التصاميم المعمارية الفريدة تعتبر شاهداً تاريخياً حياً للتقاليد الشرقية القديمة والإقامة الجماعية وتعزيز أواصر الرحم وعلاقات الأسرة والأهل الوطيدة،بالإضافة إلى أنها فن معماري بارز وفريد في العالم .

لا أعرف كيف اكتشف أهل قرية تولو هذه الجنة.حقاً إذا رأى أي إنسان هذا المكان ورأى طبيعة حياة أهله فسيحسدهم من كل قلبه.

البيوت عبارة عن أربع دوائر كبيرة، وفي الوسط مربع ضخم.تقبع البيوت في حضن الجبل وكأنها تحتمي به مثل الطفل الصغير الذي يحتمي بأمه. ويحيطها الجبل بذراعيه الحانيتين وكأنه يقول لها لا تخشي شيئاً سأحميك مهما طال الزمان .