اليوم السابع من رحلة شمس إلى جنوب الصين

زرنا بعد ذلك مبنى "خه شون" بقرية "يون شوي ياو" .بنيت هذه المساكن من الحجارة ووضعت عليها طبقات من الخشب لسهولة النقش والحفر عليه.عند البناء تم مزج الحجارة الصلبة التي لم تتأثر بعوامل الجو مع الخشب الذي هو عبارة عن جذوع أشجار،لم أجد فيها ما يشيبها رغم مرور مئات الأعوام على بناء هذه البيوت. هذا هيكل بناء المبنى أما روحه فتمتزج فيها طيبة وأصالة سكانه مع الحس الفني المرهف في التصميم.

وما زالت هذه المباني مسكونة حتى الأن.ولكن معظم من بها هم فقط من كبار السن،لأن الشباب لا يستطيع العيش في مكان يبعد كثيراً عن الحضارة والمدنية وعن مصدر رزقهم .

يشكل المبنى حلقة كبيرة، به ستة طوابق دائرية الشكل، يسكن فيه مئات الأشخاص. يحتضن هذا المبنى الكبير بداخله مبنى صغيراً عبارة عن دور واحد فقط له سقف مثلث الشكل مثل معظم المباني الصينية القديمة.على يسار المبنى الصغير بئر يسمى بئر الشمس لأن الشمس تتعامد عليه وقتاً طويلاً و مياهه نقية صافية صالحة للشرب،أما على اليمين فهناك بئر يسمى بئر القمر لأن مياهه ليست نقية وغير صالحة للشرب.كل ذلك داخل المبنى الكبير.أما خارجه فهناك مبنى صغير آخر مكون من دور واحد سقفه مثلث الشكل أيضاً وتقليدي التصميم،في الفناء الخارجي بئر كبير هو مصدر المياة لأهل "خه شون".

بالفناء الخارجي للمبنى الكبير يوجد طاحونة أرز كبيرة،عبارة عن لوح خشبي كبير يتعامد علي جزع خشبي تحته وتد حديد.يعمل على هذه الطاحونه عاملان،أحدهما يضع الأرز في أعلى إناء حجري طوله تقريباً 30 سم ويتلقفه من أسفل مطحون،والآخر يضغط بإحدى قدميه، يرفع اللوح الخشبي ويسقطه بشكل متكرر حتى يتم طحن الأرز تماماً.

لا يجب أن نعتقد ولو للحظة واحدة أن الحياة سهلة بالنسبة لهؤلاء السكان الطيبين.ولكن ما قرأته في أعينهم أنهم سعداء رغم صعوبة الحياة .

إلتقيت هناك برسام صيني يجلس في هدوء ليرسم لوحاته، ربما إذا كان هذا الرسام في مكان آخر لنال الشهرة والثراء.فحقاً هو عبقري. قال لي إنه قد درس الرسم في إحدى معاهد الفنون وعاد ليمارس حرفته التى هي في الاصل هوايه في مسقط رأسه. كنت اتمنى أن يرسم لي لوحة ولكنه قال إنها تحتاج إلى بعض الوقت لذلك عدلت عن الفكرة، وذهبت لأرتوي مما رسمه.

غادرت المكان ولكن ما زالت لوحة وفرشة الرسام تلازم خيالي. تمنيت حينها أن يرسم لنا عالماً بسيطاً بلا عقد وبلا قيود مثل حياة هؤلاء البسطاء الذين تمنيت أن أكون منهم.