قرر مروان البرغوثي زعيم جيل الشباب في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أول أمس الأربعاء (14 ديسمبر) تشكيل كتلة انتخابية جديدة للمشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية المقرر إقامتها في يناير المقبل، وهي خطوة من شأنها مفاقمة التناقض بين شباب فتح وجيلها القديم. يرى المحللون أن هذا التناقض هو أخطر أزمة تواجهها فتح منذ أكثر من 40 عاما.
يعتبر مروان البرغوثي البالغ من العمر 47 عاما والمحكوم بالسجن المؤبد في يونيو العام الماضي من قبل محكمة اسرائيلية بتهمة مشاركته في ثلاثة انفجارات ارهابية وما زال معتقلا لدى اسرائيل حاليا، أحد قادة الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 ويتمتع بسمعة طيبة بين المواطنين الفلسطينيين بسبب تمسكه بمقاومة الاسرائيل. وقدمت زوجة البرغوثي مساء أول أمس إلى سلطات الانتخابات التشريعية قائمة أسماء تظهر أن البرغوثي ووزير الشئون المدنية محمد دحلان ومستشار الأمن القومي جبريل الرجوب وغيرهم من قيادة فتح الشابة سيشكلون كتلة "المستقبل" المستقلة عن طرف الفتح للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة.
هذا وقد حقق البرغوثي فوزا ساحقا في الانتخابات الداخلية لفتح مؤخرا وأصبح أبرز قادتها في الضفة الغربية. إلا أن قيادة فتح اقترحت أن يشارك البرغوثي في الانتخابات التشريعية كمرشح ثان بعد رئيس الوزراء الحالي أحمد قريع. ورفض البرغوثي هذا الاقتراح مصرا على المشاركة في الانتخابات التشريعية كمرشح أول ومطالب بحذف أسماء القدماء من قائمة مرشحي فتح.
ويشكل عمل البرغوثي هذا صدمة كبيرة في الساحة السياسية الفلسطينية. وكانت فتح قوة مركزية في قضية التحرير الفلسطينية وتتمتع بشهرة عالية في المجتمع الفلسطيني. إلا أن سمعتها انخفضت كثيرا في السنوات الأخيرة بسبب انتشار الفساد والمحسوبية والصراع الداخلي، فازدادت الطلبات باجراء الاصلاح داخل الحركة يوما بعد يوم ويواجه الحرس القديم فيها تحديات كبيرة من الشباب الذين يتهمون القدماء باحتكار سلطة الحركة ويحملونهم مسؤولية انتشار الفساد في فتح.
وكان البرغوثي قد فكر في منافسة محمود عباس في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية في يناير الماضي إلا أنه تخلى أخيرا عن هذه الانتخابات من أجل حماية التضامن الداخلي لفتح. وهذه المرة، أجرت قيادة فتح محادثات طارئة مع الشباب فور اعلان البرغوثي قراره، وذلك من أجل تجنب انقسام فتح. وألمح محمود عباس خلال المحادثات إلى أنه قد يستقيل من منصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية إذا انفصل الشباب عن فتح وسيجري انتخابات رئاسية مبكرة. كما اتصل عباس بالبرغوثي هاتفيا بهدف اقناعه بتغيير رأيه. وذكر وزير المفاوضات الفلسطيني صائب عريقات أمس الخميس (15 ديسمبر) أن حركة فتح ستعدل قائمة المرشحين وتقدم المرشحين الشباب في القائمة لزيادة فرصهم في تحقيق الفوز في الانتخابات التشريعية.
وأشار المحللون إلى أن نتائج الصراع بين شباب وقدماء فتح ستكون مضرة لكلا الجانبين وتفيد حركة المقاومة الاسلامية (حماس). لذلك ينصب الاهتمام حاليا حول كيف ستعالج فتح هذه القضية وتتفادى خطر الانقسام.