وصل الرئيس الامريكى بوش أمس الثلاثاء الى بغداد في زيارة قصيرة مفاجئة للعراق. وهذه الزيارة هى الثانية لبوش منذ نشوب الحرب العراقية عام 2003 وايضا الزيارة الاولى له بعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة في الشهر الماضى.

وخلال زيارته المفاجئة اجرى الرئيس بوش محادثات مع رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى كما وجه كلمة للقوات الامريكية المرابطة في العراق ودعا الشعب العراقى الى الالتفاف حول الحكومة العراقية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء نورى المالكى وانهاء اعمال العنف كما تعهد بدعم الحكومة العراقية الجديدة بقدر الامكان. هذا وكان من المقرر ان يجرى الرئيس الامريكى بوش مع رئيس الوزراء العراقى المالكى لقاءا مفتوحا عبر الاقمار الصناعية الا انه غير خطته وقرر التوجه الى العراق لمقابلة المالكى.

يرى المحللون ان هناك اسبابا عديدة تقف وراء قيام الرئيس بوش بهذه الزيارة المفاجئة:

اولها للتعبير عن دعمه لحكومة المالكى لان نورى المالكى تم انتخابه رئيسا للوزراء بدعم امريكى. وقد قال بوش خلال مقابلته مع المالكى انه راض عن كل اعضاء حكومة المالكى وان الولايات المتحدة ستفى بتعهداتها لاعادة اعمار العراق.

ثانيها أن بوش يحاول زيادة نسبة التأييد له وتوفير ظروف صالحة للحزب الجمهورى اثناء الانتخابات البرلمانية في نهاية العام الحالى. فخلال الفترة الاخيرة بدأ ابناء الشعب الامريكى يشككون في سياسة بوش تجاه العراق. واظهرت استطلاعات قامت بها وكالة الاسيوشتدبريس ان 59% من المواطنين الامريكيين يرون ان الولايات المتحدة ارتكبت خطأ فى شنها حربا ضد العراق وان 54% منهم يرون ان العراق هو مستنقع حرب لا يوجد فيه فائز او منتصر وانه من المستحيل تشكيل حكومة مستقرة ديمقراطية هناك وان جميع الجهود الامريكية ستذهب سدى. وان الحكومة الامريكية ستغوص في هذا المستنقع الحربي اعمق فأعمق. لهذا السبب بدأت نسبة التأييد لحكومة بوش تنخفض يوما فيوم حتى انحطت الى ادنى حد وهو 33% قبل مقتل زعيم تنظيم القاعدة في العراق الزرقاوى. ولكن بعد مقتل الزرقاوى ارتفعت نسبة التأييد لسياسة بوش تجاه العراق ارتفاعا قليلا ووصلت الى 35%. ومن هنا اراد بوش المحافظة على هذه النسبة وزيادتها من خلال زيارته المفاجئة للعراق.

السبب الثالث أن الحكومة الامريكية تريد ان تظهر لحلفائها عزمها على حل المشكلة العراقية. فرغم تشكيل الحكومة الجديدة في العراق ما زالت الصدامات الطائفية مستمرة بل وازدادت الهجمات الموجهة لقوات التحالف. ومن هنا نوت بعض الدول المشاركة في قوات التحالف سحب قواتها من هناك. حيث اعلن وزير الخارجية الايطالى يوم الاربعاء الماضى قراره بتقليل عدد الجنود الايطاليين في العراق ابتداءا من هذا الشهر وحتى سحب جميع القوات الايطالية المرابطة في العراق قبل نهاية العام الجاري. واكد الرئيس بوش في كلمته الموجهة الى القوات الامريكية في العراق ان زيارته للعراق تجيء تأكيدا للوعود الامريكية بانشاء عراق حر وان الولايات المتحدة لن تترك العراق.

لكن بعض المحللين يرون ان هدف بوش من زيارته المفاجئة هذه هو طمأنة الاخرين. ففي الحقيقة فلم تطرأ تغيرات جوهرية على سياسته العراقية ولم تتحسن الاوضاع الامنية في العراق بسبب مقتل الزرقاوى. فما هو الجديد اذن؟