CRI Online

عائلات في ازقة المدينة القديمة بتيانجين

cri       (GMT+08:00) 2014-07-03 10:42:12

ان تاريخ مدينة تيانجين واطرافها القديمة يرجع الى ما قبل اكثر من 600 سنة، وتعتبر الازقة ثمرة تاريخ وشاهد على التنمية في هذه المدينة، ولكل حارة قصتها التي لا يستطيع الناس نسيانها.

ذاكرة مدينة مثل ذاكرة شخص لا تنسى بعض النبذات الواضحة من سيرته، فان كل الدور العتيقة والاشجار القديمة وجدران الطوب المكلسة المغطاة بعرائس الكروم والسلالم العتيقة الرطبة بالطحالب، اضافة الى البيوت في الازقة التي تقص حكاياتها كل يوم، كل هذه المعالم محفورة في ذاكرة هذه المدينة.

قيل ان كلمة "هو تونغ" قد ظهر ايام اسرة يوان الملكية، يسى المنغوليون الزقاق في عاصمة اسرة يوان ب"هو تونغ"، معناها في اللغة المنغولية بئر. ونستطيع ان نستدل على اهتمام قومية بدوية من الصحراء والمروج بنبع الماء، لذالك فكان تسمية الشوارع ب"هو تونغ" ليست غريبة.


فتاة في زقاق قديم بتيانجين

كان مستخدم الانترنت في شبكة المدينة القديمة بتيانجين الذي اختار لنفسه اسما هو "الشيخ شينسي في الزقاق" يسكن في الطرف الجنوبي الغربي في المدينة القديمة ويتعرف على ازقة المدينة القديمة كثيرا:

"اعتقد ان هناك اختلافا بين ازقة تيانجين وبكين. يمكن ان تلاحظ ان ازقة تيانجين عموما تتجه الى الجنوب والشمال باستثناء شوارع ارداو وفوشو وهوبو، قليلا ما تتجه الى الشرق والغرب. اما ببكين فكان شارعا لانغفانغ الاول والثاني وشارعا وانغفوجينغ الاول والثاني تتجه الى الغرب والشرق، باستثناء عدة شوارع مثل شارعي دونغدان وشيدان. وكانت ازقة بكين واسعة تسهل خروج المحامل التي تحمل علية القوم، لذا فنرى اليوم ان ازقة دونغدان وشيدان يمكن ان تمر منها السيارات. اما الازقة بتيانجين فلا يمكن ان تمر منه السيارات حتى ولو بشارعي قولو الغربي والشرقي اللذين يعدان اوسع الشوارع بها."

في الواقع ان كلمة "هو تونغ" تعني "السوق" ايضا في فترة اسرة يوان بالاضافة الى معناها "الزقاق". وتحدث السيد وي كه جينغ الباحث في مكتب الاثار التاريخية بمصلحة الثقافة بمدينة تيانجين وخبير صيانة التحف التاريخية والبناء القديم عن هذا قائلا:

"لمدينة تيانجين ميزة اخرى، الا وهي كثرة الازقة في المدينة القديمة. وفي الديار الشرقية الرباعية الكبيرة ازقة. على سبيل المثال، تقسم الازقة دار اسرة شي الى جزئين الشرقي والغربي، وكان الجزء الشرقي مكان النشاط، والجزء الغربي مكان الاستقبال وتقديم القرابين للالهات."

في الحقيقة ان ازقة تيانجين ليست مكانا لمعيشة الشعب العادي فحسب، بل تحتوى على عبق الثقافة وتسجل ملامح العصر الحديث ايضا لتكون منصة مهمة لتطور ثقافة تيانجين وتانغقو وتاريخهما. ان الازقة موسومة بطوابع مختلفة للحياة الاجتماعية وتحكى فيها كل انواع القصص.


الحياة اليومية في زقاق قديم بتيانجين

كان لي تاو يقيم في منطقة خهينغ جنوب شرقي المدينة وليس كبير السن، وتذكر تاريخ هذه الازقة قائلا:

"عائلتنا منسجمة جدا، كان منزلنا قريبا من ازقة خهينغتشيان وخهينغهو وشيتشياو ودينغقونغتسي علاوة على ارداوجيه وقوانديمياو وشايميتشانغ وداهوتونغتسي. كانت اللافتات التي تحمل اسماء الشوارع صفراء وخزفية في ايام طفولتي. كانت كلمة "شارع" مثل شارعي فوشو واردو تكتب بطريقة مبسطة وحقيقة ان نطقها كان ' تشو'، كنت في ذلك الوقت قد عرفت كيفية كتابة كلمة "شارع" لكنني لا اعرف طريقتها المبسطة من البداية حتى النهاية، ولم ابادر الى سؤال ابي او امي، بعدئذ اصبحا يذكران اسمه دائما، ثم قرات معهما. ولم اعلم الا بعد ذلك ان طريقة الكتابة تلك تم ابداعها في ذلك الوقت وقد الغيت الان."

هناك ازقة لا تحصى في مدينة تيانجين القديمة التي يرجع تاريخها الى ما قبل 600 سنة او اكثر، كما ترك التاريخ اثاره وعواطفه في اسماء هذه الازقة.

ما ان يتشكل زقاق، فمن الطبيعي ان يطلق الناس عليه اسما، كانت تسمية الازقة تجري حسب الرغبة بدون جمع اراء الخبراء ورفع تقرير الى الهيئة المعنية للتدقيق والموافقة والتسجيل، تجمعت ما بين ثلاث الى خمس اسر لتضع اسماء العديد من الازقة باسماء عجيبة وغريبة. حيث اطلق على زقاق صغير وضيق زقاق دهليز الاذن، وزقاق كثير التلوي زقاق المنعطفات التسع، واطلق على زقاق قريب من شجرة زقاق الشجرة. وكان مياو يي مينغ ومياو قوي مينغ يسكنان في المدينة القديمة، عندما سألناهما عن اسم الزقاق الذي يسكنان فيه، قال مياو يي مينغ:

"نسكن في شارع دونغمنلي الثاني، دونغمنلي هو الشارع الاول، ويتوازى الشارع الثاني وشارع دونغمنلي، وكان اسم شارع الثاني زقاق فرجة البنطال، وتغيرت تسميته بعد ذلك."


أطفال بلعبون في زقاق قديم بتيانجين

وينتمي عدد كبير من المشاهير الى هذه المدينة، والعديد من ازقتها اخذت تسميتها من هؤلاء المشاهير، مثل زقاق عضو الاكاديمية الامبراطورية يان بشارع قصر ونتشانغ، وقد اطلق عليه هذا الاسم بسبب ان المعلم الصيني المعاصر البارز يان فان سون كان يسكن فيه، كما ان هناك زقاق جدار دار بيان واخذ هذا الاسم لان بيت بيان الذي انشا قرية لونغشونرونغ للطب يقع هناك، اضافة الى ازقة دور ياو ويانغ وهوا. لكن ليس بالضرورة تسمية الازقة باسماء الشخصيات المشهورة، مثلا، هناك زقاق اخر بمنطقة شيمنلي اسمه زقاق تشانغتشيياو الذي هو من عامة الناس.

ان السيد تشانغ قوه شيان الباحث في مكتب البحوث المسرحية التابع لمصلحة الثقافة بتيانجين في التسعينات من عمره، وهو من خلف تشانغ تشي ياو:

"لقد اقامت تسعة من اجيال اسرتنا في المدينة القديمة على مدى 300 سنة تقريبا، وقد تشرد الجيل الاول من اجدادي في تيانجين في عهد الامبراطور يونغ تشنغ، حيث اتى تشانغ تشي ياو مع اخيه تشانغ تشي شون، وكان تشانغ تشي ياو اديبا ويدير مدرسة تقليدية خاصة لنشر المعرفة، اما تشانغ تشي شون فلم يتعلم بل قام بتربية الخنازير ويبيع لحومها، وكان يسكن في زقاق اسمه حظيرة الخنازير بمنطقة مدنية حولها مساكن المعدمين، بما فيها زقاق ليو للقبعة الذي تصنع فيه القبعات، وزقاق القوس والسهم وزقاق ملك البط حيث اصطاد الناس البط البري، بالاضافة الى زقاق الجسر الخشبي الصغير الذي بجانب مصرف المياه الكبير لمحل تشانغ للمياه، كانت البيئة المحيطة به سيئة للغاية، ومن اللازم استخدام اللوحة الخشبية لعبور المصرف. فما الفعل اذا اراد ابناء الشعب الكادح هناك تعلم الكتابة والقراءة؟ لا يوجد معلم ولا يقدرون على دخول المدرسة، فتعلموا من الكتاب الذي الفه تشانغ تشي ياو. كنت ازور كتابه والتقطت صورته، انه ليس الا غرفتين وباحة صغيرة مزروعة فيها شجرة كبيرة."

انطلاقا من احترام السيد تشانغ تشي ياو الذي ربى الاطفال الفقراء وعلمهم، تمت تسمية الزقاق الذي سكن فيه ب"تشانغ تشي ياو" فيما بعد.

وكان مثال ذلك ايضا زقاق تشو يونغ شون بمنطقة شيمنلي، انه ليس الا من صغار الكسبة وادار متجر الارز والدقيق، وكانت الكعكة بالسمسم التي يصنعها مشهورة حيث توزع المواد بالضبط لتكون الكعكة هشة خارجيا وناعمة وشهية داخليا، اثنى عليه الناس فتم تسمية الزقاق باسمه. هناك مقولة من عوام الناس تقول ان الكعكة بالسمسم لتشو يونغ شون واللحم المحمر بالصويا لمينغ شون تشاي من الاطباق اللذيذة بتيانجين.


معبد ون مياو ( المعبد الأدبي) في دونغمنلي بتيانجين

انها صورة الحياة الاكثر واقعية لاسر الازقة بالمدينة القديمة. كان مياو يي مينغ ومياو قوي مينغ لهما هذه الذاكرة ايضا:

"لم ننتقل الا في عام 2003، وكتب على الاعلان انه من اللازم الانتقال قبل ال31 اغسطس من ذلك العام، وبدانا الانتقال من ذلك اليوم بالضبط. ابي لا يريد المغادرة، في الواقع فان البيت صغير مثل بيت الكلب، لكننا قد اقمنا فيه لسنوات وهناك كثير من الجيران الذين ذهبوا نهارا الى العمل وتركوا اطفالهم في البيوت، وفور فتح ابي الباب صرخوا له اهلا يا جد مياو، لم يفهم دعوتهم حتى هربوا، هذه هي المشاعر والعواطف بين سكان الحي، قد تعودنا على الاقامة هنا حيث كنا نعتنى بعضنا بالبعض مع الجيران."

مع ازدياد عدد السكان، يزداد عدد سكان المدينة القديمة تدريجيا ايضا، حيث تشكلت منازل مشتركة متعددة الاسر. تحدث وانغ روي الذي كان يسكن سابقا في منطقة دونغمنلي عن حب سكان الحي في الازقة والديار المشتركة الكبيرة قائلا:

"كلما تكون هناك اجازة طويلة نسبيا كلما يكون في البيت مشروع كبير مثل تبييض الجدار. على سبيل المثال، من المقرر ان تشرف اسرتي على المشروع في الاول من مايو، وليس افراد اسرتي هم الوحيدين الذين يعملون، بل تتوافد الينا كل الايادي العاملة القوية من الجيران، لا داعي ان تقدم لهم النقود لكون سكان المحلة ياكلون ويشربون الخمر معا لا اكثر."

تسكن عائلة جد وانغ يوي مينغ بمنطقة جينداوهو الواقعة بالناحية الشمالية الشرقية بالمدينة القديمة لاجيال متتالية، وما ان جاءت العطلة حتى اصبح بيت الجد جنة ايام طفولته:

"كنت اظن في ايام طفولتي اني اذا زرت جدي الذي يقيم في المدينة القديمة ازور عائلات كثيرة، لان العلاقات بين الاجداد في ذلك المنزل المشترك في غاية الانجسام. عندما ازور الاجداد الاخرين في بعض الاحيان، حيث يعيشون في باحة المنزل واستطيع معرفة ماذا تتناول عائلتهم ذلك اليوم من الوجبات. اذكر انه في يوم من ايام طفولتي، كانت جارتنا الجدة اعدت قدرا من خبز الذرة بالبخار اما جدي فاعد الجوز، ولا ادري ماذا بىّ ذلك اليوم وامتنعت عن تناول الجوز مطلقا، اذن، ما العمل؟ كنت اريد ان اتناول ما قامت باعداده تلك الجدة، كنا ناكل الطعام بباحة الدار في الصيف، نادتني الجدة واخيرا تعشيت مع افراد اسرتها."

وبالنسبة الى مو جين مينغ الذي اقام 6 من اجداده في زقاق شيتشياو بمنطقة دونغمنلي، وكان يصعب ان تزاح من ذهنه العواطف بين سكان الحي في تلك المدينة القديمة. وفي غرفة العرض لمعرض المدينة القديمة، اشار مو الى نموذج صندوق الرمل لمدينة تيانجين القديمة وتحدث عن قصة وقعت بينه وبين جارته الجدة تشه:

"كنت ادرس في مدرسة تساوتشانغان الابتدائية، واعود الى بيت الجدة تشه بعد عودتي من المدرسة، وكانت امي تعرف انني في بيت جدة تشه حتما ان لم اعد. بعد ذلك اصبحت صحة امي ليست على ما يرام واستاجر ابي دراجة ثلاثية من لجنة الحي لاستشارة الطبيب، ربما كان ذلك في عام 1985، حيث اخبرتنا الجدة تشه انها اشترت لنا دراجة ثلاثية ولا داعي الى استئجار اخر. اعطت ابي 400 يوان صيني لشراء دراجة ثلاثية، ومنذ ذلك الوقت اصبحت بيننا محبة عميقة للغاية. اتذكر انني كسبت 115 يوان من الراتب في الشهر الاول، كنت اريد شراء هدايا لجدتي تشه. واشتريت من محلة تشنغتشينغده شايا بمبلغ 65 لكل علبة، وقالت الجدة تشه انها لن تشربه حتى نشربه معا في بيتنا في اخر ليلة من العام. نسينا تناوله تلك الليلة، وخرجت للمعايدة مع زملائي في مطلع السنة القمرية، وفي اليوم الثاني، كنت ساخرج مثل اليوم السابق فجاء الي اخي فجاة واخبرني ان الجدة تشه في سكرات الموت. لقد غادرت دون شرب ذلك الشاي."

لا يفهم الحب العميق للمدينة القديمة الا "ابناء تيانجين القدماء". اقامت عائلة فنغ لي جين منذ جيل جده في زقاق داتشالان بمنطقة شيمنلي بالمدينة القديمة، وعند انتقاله من تلك المدينة بعد تخرجه من الجامعة، ما يزال يسكن هناك ابوه المسن، ولم ينتقل من داره القديمة الا عندما بدأت صناية المدينة القديمة عام 2003، ولكن، مع اعادة اعمار المدينة القديمة، انتقلوا الى المكان القديم مرة اخرى:

"انتقلت الان الى المدينة القديمة، الحي فوليتشنغ يقع في نفس المكان للمدينة القديم، وفي فترة حياة ابي وعندما اخترنا الشقة، وشعرنا ان سعر الشقق الجديدة غال. سمعنا ان في المدينة القديمة شققا، زرتها مع ابي ووجدناها في موقع كنا نسكن فيه، سعره يتراوح ما بين 7000 و8000 يوان لكل متر مربع، فليس ذلك رخيصا وفي عام 2005 او 2006، قال ابي بعد زيارتها: حسنا، انها رخيصة. في الحقيقة الكثير من الشقق في ذلك الوقت سعرها لم يتجاوز ما بين 5000 او 6000 يوان للمتر المربع، لكنه شغوف بهذا المكان الذي ترعرع فيه منذ نعومة اظفاره. وبعد انتقالنا الى هنا مرة اخرى، وجدت الكثير من الناس مثلنا يشترون الشقق الواقعة بالمناطق المحيطة بالمدينة القديمة مثل شارع شيقوان، كما صادفت زميلا لي في المدرسة الاعدادية يسكن في نفس الحي معي. يصعب على الناس مغادرة مسقط الراس لانهم يسكنون هنا منذ الصغر. ولدي صديق عزيز عليّ، كان والده يلعب مع ابي منذ صغرهما فاصبحت علاقاتهما حميمة."

يعتقد الناس ان المدينة القديمة تعد جذر تيانجين وان كان بحر هايخه يعتبر روحها. استنادا الى الاحصاء، يزيد عدد مشتري الشقق من السكان الاصليين مثل فنغ لي جين وابيه عن 80% من المشترين للشقق الجديدة بالمدينة القديمة، وليس لهم حدود العمر الظاهرة في الوقت ذاته، فمنهم العجائز الملاحقون لذاكرة السكن في الزمن الماضي، والشباب الذين يسعون وراء نوعية الحياة، ما يجسد التفوقات التاريخية والادبية للمدينة القديمة تماما.

تحدت مدينة تيانجين القديمة العواصف رغم ما شهدته من انتكاسات استمرت 600 سنة، حيث شهدت تاريخا باهرا وتسجل حاضرا رائعا.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي