أعلن المتحدث بإسم وزارة الخارجية الفرنسية جان بابتست ماتى أمس الثلاثاء ( 23 أغسطس ) أن الترويكا الأوروبية المؤلفة من فرنسا وبريطانيا وألمانيا قد قررت بالإجماع إلغاء جولة المحادثات المزمع إجراؤها في الواحد والثلاثين من هذا الشهر مع إيران بشأن أنشطتها النووية. وأضاف المتحدث أن الإتحاد الأوروبي لن يقرر الموعد المحدد لإستئناف المفاوضات النووية ما لم تعد إيران إلى تجميد جميع أنشطتها في تخصيب اليورانيوم. ويعتبر الرأى العام الأوروبي أن قرار الإتحاد الأوروبي هذا هو بمثابة تحذير أوروبي لإيران.
كان الإتحاد الأوروبي قد نجح منذ مشاركته في مساعى إيجاد حل للمشكلة النووية الإيرانية على مدى سنتين تقريبا في وضع الملف النووي الإيراني في إطار الحل بواسطة القانون الدولي وعبر التشاور.لكن حدة الخلافات إزدادت بين الجانبين مع تطور المفاوضات. وتتمثل هذه الخلافات في تخصيب اليورانيوم. حيث تتمسك إيران بحقها في البحث وإمتلاك مفاعلاتها النووية ونظام تخصيب اليورانيوم، بينما يرى الإتحاد الأوروبي أنه لا يمكن ضمان عدم إستخدام إيران لمنشآتها النووية في الأغراض العسكرية ما لم يتم تجميد أنشطتها في تخصيب اليورانيوم.
وإستأنفت إيران في الثامن من هذا الشهر تشغيل منشآت تحويل اليورانيوم في إصفهان ورفضت رسميا مجموعة من الإقتراحات التى طرحها الإتحاد الأوروبي حول الملف النووي الإيراني متجاهلة نصائح الإتحاد الأوروبي المتكررة في هذا الشأن.
وبناءا على طلب الإتحاد الأوروبي أجاز مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اليوم الحادى عشر من هذا الشهر قرارا يعبر عن القلق الشديد لإستئناف إيران أعمال تحويل اليورانيوم ويطالب إيران بالوقف الفوري لجميع الأعمال المتعلقة بتخصيب اليورانيوم. لكن إيران رفضت هذا القرار بحزم.
في الحقيقة أن الإتحاد الأوروبي لا يختلف عن الولايات المتحدة في وجهة نظره حول المشكلة النووية الإيرانية. إذ أنه لا يسمح لإيران بإستخدام الطاقة النووية إلا في حدود ضيقة جدا، وتعتبر برامج إيران في تخصيب اليورانيوم جزءا من إنتاج الأسلحة النووية معتقدا أن إيران قد تنسحب من معاهدة حظر الإنتشار النووي في أى وقت من الأوقات عندما تمتلك المنشآت الكاملة والتكنولوجيا المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وستنتج الأسلحة النووية بعد إجراء التعديلات الطفيفة لهذه المنشآت أوإستعمال اليورانيوم المخصب المنتج محليا.
كما يرى الرأى العام الأوروبي أن إيران قد خالفت بإستئنافها أعمال تحويل اليورانيوم في إصفهان القرار الذى أجازته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر العام الماضي حول المشكلة النووية الإيرانية كما خالفت ما تعهدت به نفس العام في إطار إتفاقية باريس حول تجميد أعمال تخصيب اليورانيوم. وهذا غير مقبول حسب رأى الإتحاد. لذلك يرى الإتحاد الأوروبي وجوب فرض الضغوط على إيران.
لكن بعض الرأى العام العالمي يرى أن إيران قد لا تغير موقفها لأنها لا تريد التقيد بأوامر الآخرين فيما يتعلق بالتكنولوجيا النووية، كما ترى إيران تخصيب اليورانيوم حقا مشروعا لها تحميه معاهدة حظر الإنتشار النووي. وأكدت إيران في الأيام الأخيرة أنها لن تعود إلى تعليق نشاطاتها في تحويل اليورانيوم. وصرح الزعيم الروحى الإيرانى آية الله علىخامنئى يوم الجمعة الماضي أن إيران لن تخضع لأى تهديد أو إبتزاز.
ويرى الرأى العام أيضا أنه رغم وجود خلافات حادة بين الجانبين غير أن ذلك لا يعنى الفشل في حل المشكلة النووية الإيرانية عبر الطرق الدبلوماسية. وأن الإتحاد الأوروبي سيسعى وراء تجنب دخول القضية في نفق مسدود.
