انتقلت القضية النووية الايرانية في الـ8 من هذا الشهر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مجلس الأمن الدولي، إلا أن ايران ما زالت متمسكة بمواقفها وهناك خلافات ملحوظة بين الدول الخمس الدائمة العضوية بالمجلس، وما زال مستقبل هذه القضية غامضا.
كانت بريطانيا وفرنسا قد طرحتا مشروع بيان رئاسي لمجلس الأمن الدولي دعتا فيه ايران إلى ايقاف كافة نشاطاتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بشكل تام ودائم وإعادة النظر في برنامجها لانشاء مفاعل بعمل بالماء الثقيل. وطالب هذا المشروع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بابلاغ مجلس الأمن الدولي أخر تطورات القضية خلال 14 يوما. إلا أن الدول الخمس الدائمة العضوية لم تتوصل إلى اتفاق حول هذا المشروع بعد مناقشات عديدة وقررت توسيع النقاش ليشمل أيضا الدول العشر غير دائمة العضوية بالمجلس في الـ17 من هذا الشهر.
وترى الصحف الأوروبية أن المجال الدبلوماسي لحل القضية صغير لأن الولايات المتحدة أصبحت قوة مسيطرة فيها. وإن القضية النووية هي جانب واحد فقط من خطة الولايات المتحدة لمواجهة ايران. وذكر صحف أمريكية أن الولايات المتحدة تخطط أولا كشف أسرار الورقة النووية الايرانية من خلال إحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي، ثم تفرض عقوبات اقتصادية على ايران من أجل اضعاف قوتها بأكبر درجة ممكنة وتساعد المعارضة الايرانية في الوقت نفسه استعدادا لاسقاط السلطة الحالية.
من بين الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي تدعو كل من روسيا والصين إلى حل القضية النووية الإيرانية عن طريق المفاوضات، وتتمسكان بموقع جاد وحذر إزاء تدخل مجلس الأمن الدولي فيها. ويرى كلاهما أن المشروع البريطاني الفرنسي لم يعط مجالا كافيا للجهود الدبلوماسية وكذلك لم يعط وقتا كافيا لإيران، وتعتقد الدولتان أنه لا يمكن التخلى عن جهود الحل السياسي للقضية النووية الإيرانية فى وقت تجرى فيه روسيا وإيران مشاورات متواصلة بهذا الشأن. وفى الوقت الحالي ما زال كل من روسيا والصين يؤكد على الدور الرئيسي الذى تلعبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى حل هذه القضية.
وفى داخل الدول الغربية توجد آراء مختلفة أيضا. فما زالت ألمانيا تدعو إلى حل هذه القضية عبر الوسائل الدبلوماسية. أما فرنسا فترى أن رفع هذه القضية إلى مجلس الأمن الدولي لمناقشتها يهدف إلى إجبار إيران على العودة إلى مائدة المفاوضات لحلها. وتعارض بريطانيا أيضا كل التصورات الأمريكية. حيث أكد وزير الخارجية البريطاني جاك سترو يوم الإثنين الماضي أن إيران ليست العراق، لأنها قد بادرت إلى توقيع << معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية >>، وأعلنت بصورة جادة أنه ليست لديها نية فى تطوير الأسلحة النووية، لذلك فإن القضية النووية الإيرانية يمكن حلها عن طريق سلمي، وإن اتخاذ عمليات عسكرية ضد إيران غير وارد في الاعتبار.
إن تطور القضية النووية الإيرانية إلى أى اتجاه يتوقف على ما تختاره إيران من طريق. إلا أن الموقف الإيراني فى الوقت الحالي لم يشهد أى تغيير، حيث أكد الزعيم الروحي الإيراني آية الله خامنئي يوم الثلاثاء الماضي مجددا أن ايران لن تتراجع عن الطريق النووي. و فى هذه الحالة قد يتطور الوضع نحو ما ترغب فيه الولايات المتحدة.