اليوم الثلاثاء (28 مارس) هو موعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية. ويرى المحللون أن أصوات الناخبين الإسرائيليين قد تمهد عصرا سياسيا جديدا وترسم خريطة تقدم إسرائيل والوضع في الشرق الأوسط.

وأشارت صحيفة جيروساليم بوست الإسرائيلية في مقال نشرته مؤخرا إلى أنه يمكن لهذه الانتخابات المقارنة مع الانتخابات الثلاث في التاريخ الإسرائيلي والتي مثلت تحولات في إسرائيل ، ألا وهي انتخابات عام 1977 التي أنهت فيها كتلة الليكود تسيد حزب العمل الحكم في إسرائيل منذ إقامتها ومتمثلة هكذا لوضع سياسي في صورة حزبين كبيرين معا يمسكان بزمام الحكم بالتناوب، وانتخابات عام 1992 التي فاز فيها حزب العمل بقيادة اسحق رابين وأدت إلى بدء عملية سلام أوسلو، وانتخابات عام 2003 التي فاز فيها شارون الذي أنهى اتفاقية أوسلو وبدء تنفيذ العملية الإسرائيلية الأحادية الجانب المتمثلة في الانسحاب من قطاع غزة.

إن ما يلفت أنظار الناس خلال هذه الانتخابات الإسرائيلية هو حزب كاديما الذي تأسس قبل ما يقل عن نصف سنة، حيث برز هذا الحزب في ظل تواجد القوتين السياسيتين اليمينية واليسارية. وأظهرت مختلف استطلاعات الرأي أن حزب كاديما سيهزم بسهولة خصميه الليكود اليميني والعمل اليساري خلال الانتخابات.

إن "ردا بإسرائيل مختلفة" شعار انتخابي لحزب كاديما في المنافسات الانتخاباتية، وحدد حزب كاديما خطه في "الانسحاب الأحادي الجانبي وترسيم الحدود المستقبلية لإسرائيل". وبذلك، أدمج كاديما خط الاعتدال السياسي لحزب العمل بخط التشدد العسكري لكتلة الليكود. وطرح بوضوح خلال أعماله الدعائية للانتخابات منهاج عمله المتمثل في مواصلة القيام بعملية الانسحاب الأحادي الجانب من المستوطنات الصغيرة وتعزيز السيطرة على المستوطنات الكبيرة الحجم، وترسيم حدود إسرئيلية فلسطينية مستقبلية في آخر المطاف. وأشار المحللون إلى أن نهوض كاديما خلال الانتخابات يعكس بشكل أساسي الواقع السياسي الإسرائيلي وآراء الشعب السائدة. ومن الواضح أن الانسحاب من معظم الأراضي الفلسطينية المحتلة والسماح بتأسيس دولة فلسطين والسعي وراء حل القضية الإسرائيلية الفلسطينية إلى حد ما لتشكيل وضع إقليمي مستقر نسبيا قد أصبحت آراء سائدة للشعب الإسرائيلي.

وأشار المراقبون إلى أنه إذا فاز حزب كاديما في الانتخابات وتمكن من تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب العمل اليساري الذي تقترب دعوته السياسية منه، فإن الانسحاب الأحادي الجانب سيظل مسيطرا على العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية خلال السنوات المقبلة، إلا أن مستقبل خارطة الطريق للسلام في الشرق الأوسط ما زال لا يدعو للتفاول. والسبب الأساسي لذلك يعود إلى ناحيتين، الأولى أن المجتمع الإسرائيلي يرى عامة أن فوز حماس جعل إسرائيل بلا "شريك في مفاوضات السلام"، ثانيهما أن عدم اعتراف حماس وإسرائيل ببعضهما قد يؤدي إلى اعتقاد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأن الانسحاب الأحادي الجانب هو المشروع الوحيد الذي يمكنه كسر الجمود الحالي.

ورغم ذلك، فإن إمكانية تطبيق كاديما عملية الانسحاب الأحادي الجانب ما زالت أمرا غير متأكد، فذلك يعتمد أولا على نسبة أصوات التأييد لكاديما. وإذا فاز بأصوات ساحقة، فإن ذلك سيمهد له طريقا لتطبيق العملية الأحادية الجانب، وإلا، فإنه سيواجه عراقيل كبيرة من مختلف الجوانب. ثانيا، إن الانسحاب الأحادي الجانب مخالف لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لذلك، من الصعب أن تتقبله الفلسطينيون والدول العربية. ثالثا، إذا غيرت حماس موقفها واعترفت بإسرائيل، فستفقد إسرائيل حجتها لتطبيق الانسحاب الأحادي الجانب. لذلك، لم يستبعد حزب كاديما احتمال إجراء مفاوضات مع الجانب الفلسطيني. وقد ألمح هايم رامون المسؤول الرفيع المستوى بكاديما إلى أنه إذا فاز الحزب في الانتخابات التشريعية، فستكون هناك احتمالات جدية لإجراء حوار بشروط مع السلطة الوطنية الفلسطينية تحت قيادة حماس.

وبالطبع، فإنه بالإضافة إلى كاديما، يشارك في منافسات الانتخابات الإسرائيلية حزب العمل وكتلة الليكود وغيرها من الأحزاب. وأشار المحلل السياسي الإسرائيلي ليور تشوريف إلى أنه مهما كان الحزب الذي سيفوز في الانتخابات، فإن مستقبل إسرائيل سيكون بالتأكيد في أيدي الجيل الجديد من الساسة.