ظلت الحكومة الأمريكية تتابع عن كثب حالة شارون الصحية الخطيرة وتبدى ردود فعل حذرة بشأنها. يرى بعض المسؤولينن الإسرائيليين والأمريكيين أنه من الصعب أن يعود شارون الى عمله وعليه فإن الحكومة الأمريكية مضطرة الى تعديل سياساتها في الشرق الأوسط.
وإن ردود الفعل التى أبدتها الحكومة الأمريكية بشأن مرض شارون الخطير خلال الأيام الأخيرة قد أظهرت قلقها من عدم وجود شارون في السلطة الإسرائيلية. حيث أجلت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس زيارتها لأندونيسيا وأستراليا للبقاء في واشنطن لمتابعة تطورات مرض شارون وما قد ينتج عن ذلك من تفجير للأزمة في الشرق الأوسط، كما بعثت ببرقية الى رئيس الوزراء الإسرائيلى بالنيابة إيهود أولمرت تعبيرا عن مواصلة تأييد بلادها القوى لإسرائيل. و في نفس الوقت قد عاد اللواء كيث دايتون المنسق الأمريكى لشؤون أمن الشرق الأوسط الى المنطقة حيث بدأ مباحثاته مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين لبحث تطورات الأوضاع الإسرائيلية والفلسطينية. والى جانب ذلك عبر الرئيس الأمريكى جورج ووكر بوش في خطابه عن تقديره لشارون ووصفه بأنه مؤسس شجاع وممتاز للسلام متمنيا له الشفاء العاجل.
ويرى محللون أن حكومة بوش ظلت ترى أن وفاة عرفات قد أزالت عقبة أمام طريق السلام الفلسطينى الإسرائيلى. وأن شارون قادر على قيادة الإسرائيليين لتقديم تنازلات للفلسطينيين. ثم أن حكومة بوش تستطيع تقديم تأييد للقيادات الفلسطينية والإسرائيلية لدفع الجانبين الى اتجاه السلام. وتكاد حكومة بوش تعلق كل آمالها على شارون الذى يعتبر عمودا لسياستها في الشرق الأوسط. لكن إنهار الآن هذا العمود، فيجب على حكومة بوش أن تغير سياستها في الشرق الأوسط للأسباب التالية.
أولا فقد بوش شريكا في عملية إيجاد حل لمشكلة الشرق الأوسط. فبعد تولى بوش منصبه ب17 يوما أنتخب شارون رئيسا للوزراء في إسرائيل. ويرى البعض أن معظم سياسات بوش في الشرق الأوسط كانت أتخذت وفقا لأراء شارون. وكانت أهداف سياسة بوش الخارجية والمتمثلة في إقامة دولة فلسطينية وتحقيق التعايش السلمى بين الجانبين قبل إنتهاء فترة ولايته الثانية، وتأييده العلنى لخطة خارطة الطريق كل هذه تعتبر في الحقيقة تأييدا من بوش للخطة الآحادية الجانب التى طرحها شارون.
ثانيا أنه إذا فقدت إسرائيل شارون سيحدث فراغ في السلطة الإسرائيلية. ومن الصعب أن تحقق عمليات السلام في الشرق الأوسط تقدما بعد الإنتخابات العامة الإسرائيلية في مارس هذا العام وستزداد حدة التناقضات داخل السلطة الوطنية الفلسطينية. لذلك فإن حكومة بوش قلقة من تخريب بعض الدول العربية خاصة المسلحين الفلسطينيين عملية السلام بإنتهاز هذه الفرصة. فيرى المحللون أن حكومة بوش بعد فقدان شارون في السلطة ستواجه صعوبات وعراقيل في كثير من القضايا مثل القضية العراقية والإيرانية والسورية.
ثالثا لا أحد يكون سيسد مكانة شارون. وبعد مرض شارون حل نائب رئيس الوزراء أولمرت محل رئيس الوزراء بالنيابة. لكن بعض الوسائل الإعلامية ترى أنه لا يستطيع أن يماثل شارون. لذلك يرى المحللون أن حكومة بوش يجب أن تعدل سياساتها تجاه الشرق الأوسط خلال الأشهر القادمة لتأييد رئيس وزراء جديد في إسرائيل هذا من جهة ومن جهة أخرى لتأييد السلطة الفلسطينية حتى تتقدم عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية حسب خطة خارطة الطريق.
