وقع الرئيس الإسرائيلى كاتساف أمس الأربعاء ( 23 نوفمبر ) على أمر يخول رئيس الوزراء أرييل شارون بحل الكنيست تمهيدا للإنتخابات العامة المقبلة في الثامن والعشرين من مارس العام القادم. وثلاثة أحزاب سياسية يسارية ومحايدة ويمينية سوف تتنافس في هذه الإنتخابات العامة بسبب تشكيل حزب المسؤولية الوطنية الذى يرأسه شارون.
ومنذ تشكيل كتلة الليكود اليمينية في سبعينات القرن الماضي ظلت الأوساط السياسية الإسرائيلية تتحرك تحت مظلة حزب العمل الإسرائيلى اليسارى وكتلة الليكود اليمينية بالتناوب. وكانت السياسة الخارجية التى يتمسك بها حزب العمل الإسرائيلي معتدلة وكان حزب العمل يدعو للسلام من خلال الأرض مقابل السلام. أما كتلة الليكود فتمثل جناح النسور وتتمسك بفكرة إسرائيل الكبرى مع عدم التخلى عن ذرة رمل من الأرض.
وبعد تفجر أعمال العنف والمصادمات بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 2000 إرتفع نفوذ القوى اليمينية الإسرائيلية، وفي العام التالى إحتل شارون منصب رئيس الوزراء بعد أن قهرت كتلة الليكود حزب العمل في الإنتخابات العامة. ومن خلال الصدامات وأعمال العنف التى دامت حوالى خمس سنوات مال موقف المجتمع الإسرائيلى من النزاع الفلسطينى الإسرائيلى الى التعقل التدريجي وبدأ اليمينيون الإسرائيليون ينقسمون. وإكتشف الكثير منهم أن الوسائل العسكرية لا يمكن أن تحقق أمن إسرائيل لذلك يجب عليها أن تقدم بعض التنازلات بخصوص الأرض وتسمح بإقامة دولة فلسطينية تتعايش إسرائيل. كما طرأت تغيرات على مواقف شارون السياسية. فقام بتغيير سياسته بشأن المشكلة الفلسطينية. وقرر بالإنسحاب من بعض الأراضى الفلسطينية المحتلة وإقامة الحائط العازل لتحقيق الانفصال بين الأراضي الإسرائيلية والفلسطينية ووضع الحدود النهائية. غير أن سياسة شارون هذه قد عورضت من القوى المتشددة داخل كتلة الليكود. ومن أجل التخلص من هذه القوى المتشددة أعلن شارون يوم الإثنين الماضى إنسحابه من كتلة الليكود وتشكيل حزب جديد للإشتراك في الإنتخابات العامة القادمة.
يتخذ حزب شارون الجديد الحياد ولذلك فهو حزب محايد. وحسبما قال الرأى العام الإسرائيلى فإن تشكيل هذا الحزب قد غير الموقف من تحكم حزبين في الأوساط السياسية الإسرائيلية إلى ظهور ثالث يضاف إليهما. وبالطبع ضعفت قوة كتلة الليكود بسبب إنسحاب شارون منها. إلا أنها ستكون عقبة رئيسية في التنازلات مع الفلسطينيين. أما حزب العمل اليسارى فيدعو بعد تولى عمير بريتس رئاسة الحزب إلى إجراء الإصلاح الإقتصادى وتضييق الفجوة بين الفقر والغنى على المستوى الداخلي وتحريك خطة المفاوضات السلمية دون أى شرط من الشروط على المستوى الخارجي. إن السياسة الخارجية لحزب العمل اليسارى تختلف عن سياسة شارون الخارجية المتمثلة في إعادة تحريك المفاوضات السلمية الفلسطينية الإسرائيلية بشروط.
وجاء في آخر استطلاعات الرأي أن حزب المسؤولية الوطنية الذى يرأسه شارون سيصبح أكبر حزب لتوقعات حصوله على حوالى 30 مقعدا في الكنيست إذا أجريت الإنتخابات العامة الآن ، أما مقاعد حزب العمل المتوقعة في الكنيست فسوف تقل عن حزب المسؤولية الوطنية ب4 مقاعد. وبالنسبة لكتلة الليكود فالتوقعات تشير الى حصولها على 15 مقعدا. أما إذا فاز شارون في الإنتخابات القادمة فمن المتوقع أن يشكل حكومة إئتلافية مع حزب العمل اليسارى.
ويرى الرأى العام الإسرائيلى أن حزب المسؤولية الوطنية قد فتح صفحة جديدة في الخريطة الإسرائيلية السياسية وسيأتى بتأثيرات هامة على الأوضاع الفلسطينية الإسرائيليية.
