ظلت تعتبر روسيا صديقا وحيدا لإيران في القضية النووية الإيرانية. لكن نائب رئيس الوزراء الروسي ووزير الدفاع سيرغي ايفانوف أكد مؤخرا عدم استبعاد إمكانية إحالة القضية النووية الإيرانية الى مجلس الأمن الدولي. وبعد ذلك، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الموقف الروسي إزاء هذه القضية قريب جدا من مواقف الدول الغربية. فهل غيرت روسيا حقا موقفها من هذه القضية؟
في الحقيقة، إن تصريح روسيا بعدم معارضة إحالة القضية النووية الإيرانية الى مجلس الأمن الدولي هو الخيار الوحيد أمامها. وذلك للأسباب التالية. أولا، إن إيران بدأت تطوير الطاقة النووية بمساعدة روسيا التي فعلت ذلك انطلاقا من المصالح الاقتصادية. لكن الموقف المتصلب الإيراني الحالي اثار شكوك روسيا في الدوافع الحقيقية لإيران. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أكد أن استئناف إيران لنشاطات برنامجها النووي لا يستند لاسبابسبب اقتصادية وليس له ضرورة واقعية الأمر الذي أثار الشكوك في ما اذا كانت هناك أغراض عسكرية وراء برنامجها النووي.
الثاني، التباطؤ في حل القضية النووية الإيرانية لفترة طويلة جعل الدول الغربية تفقد الصبر. واذا واصلت روسيا دعمها لإيران في هذا الوقت، فقد تتأثر علاقاتها مع الدول الغربية الأمر الذي لا يساعد روسيا على المحافظة على مكانتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي.
ثالثا، يأتي اقتراب روسيا من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي في القضية النووية الإيرانية هذه المرة انطلاقا من سياساتها الخارجية العملية والتعددية. وعلى الرغم من تضارب مصالح روسيا في عدد كبير من القضايا مع الولايات المتحدة والدول الغربية، لكنها لا تريد وضع نفسها في تناقض مباشر مع الدول الغربية
إن الإشارة الروسية بالموافقة على إحالة القضية النووية الإيرانية الى مجلس الأمن الدولي هي في حقيقتها رسالة الى إيران لحثها على العودة الى طريق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لأن روسيا لا تأمل في حل هذه القضية عبر عملية عسكرية أو فرض عقوبات. وبالإضافة الى ذلك، أصبحت روسيا وسيطا هاما في حل هذه القضية بسبب علاقات المصالح الوثيقة بينها وبين إيران.
ويرى المتابعون أن اقتراح روسيا حول نقل انشطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية من إيران الى روسيا هو أفضل وسيلة متاحة للمجتمع الدولي لحل هذه القضية، حيث يهتم هذا الاقتراح بمصالح مختلف الأطراف ولا يضمن حقوق إيران في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية فحسب، بل يخفف قلق المجتمع الدولي إزاء احتمال تطوير إيران أسلحة نووية ويجعل قطاع الطاقة النووية الإيرانية تحت مراقبة المجتمع الدولي.
ويعتقدون كذلك أن كلا من إيران والدول الغربية بحاجة الى وسيط وذلك لغياب الثقة بينهما.
وتعتبر روسيا افضل من تقوم بدور الوسيط، لأنها لا ترغب في امتلاك إيران اسلحة نووية باعتبارها دولة مجاورة لها ولا تأمل في تعرض إيران لضربات عسكرية أو عقوبات باعتبارها شريكا تجاريا.
ويمكن أن نلاحظ انه في الوقت الذي أعلنتفيه روسيا عدم استبعاد امكانية إحالة القضية النووية الإيرانية الى مجلس الأمن الدولي، أكد بوتين مجددا أول أمس أنه يتعين على المجتمع الدولي التصرف بحذر في هذه القضية، وهذا يعنى رسالة الى الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي مفادها أن الموقف الروسي القريب من الدول الغربية هو في اطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقط. لكن هل تتبنى روسيا موقفا قريبا من الولايات المتحدة قي مناقشة مجلس الأمن الدولي لهذه القضية؟ الجواب غير واضح في الوقت الحالي.
