أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية ميخاييل كامينين أمس الخميس (20 إبريل) في موسكو أن مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بلاده بوقف تعاونها النووي مع إيران في بناء محطة بوشهر الكهرونووية أمر غير قانوني. ويرى المحللون أن ذلك يدل على أن الخلافات في القضية النووية الإيرانية بين روسيا والولايات المتحدة بدأت تتضح يوما بعد يوم.
الولايات المتحدة كانت قد قدمت هذا الطلب بعد الاجتماع الذي عقدتها مع ممثلي روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا يوم الثلاثاء الماضي (18 إبريل) في موسكو دون التوصل إلى نتيجة عملية، حيث طالب أمس نائب وزيرة الخارجية الأمريكية المسؤول عن الشؤون السياسية نيكولاس برنس روسيا بوقف تعاونها النووي مع إيران بما في ذلك التعاون في مشروع محطة بوشهر الكهرونووية، معبرا عن أمله في أن توقف جميع الدول تزويد إيران بالمواد ذات الأدوار المزدوجة.
ردا على ذلك، قال كامينين إنه لا يحق لأي أحد إلا مجلس الأمن الدولي أن يصدر قرارات تتعلق بوقف التعاون مع أية دولة في أي مجال، ومجلس الأمن الدولي لم يصدر حتى الآن أي قرار يطالب بوقف التعاون مع إيران في مجال الطاقة النووية، مضيفا أنه من المستحيل أن يستخدم المفاعل النووي بمحطة بوشهر في إنتاج مواد أسلحة نووية، فهذه المحطة الكهرونووية لا علاقة لها قط بأعمال إيران في تخصيب اليورانيوم.
وفي الوقت نفسه، ذكر رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الروسية يوري بالوييفسكي أمس إنه إذا وقع نزاع مسلح بين الولايات المتحدة وإيران، فإن روسيا لن تؤيد أي جانب من الجانبين، مضيفا أن بلاده ستواصل تنفيذ العقود التي تم التوقيع عليها مع إيران في نهاية العام الماضي حول تزويد الأخيرة صواريخ مضادة للطائرات والتي تبلغ قيمتها مليارا وأربعمائة مليون دولار أمريكي.
إن منع الانتشار النووي معيار أساسي يعترف به المجتمع الدولي، وإن معارضة تطوير إيران الأسلحة النووية موقف مشترك للمجتمع الدولي بما فيه روسيا. إلا أن أساليب التعامل مع القضية النووية الإيرانية وحلها تتقرر من خلال مصالح مختلف الدول وسياساتها الخارجية، فروسيا وبعض الدول تلتزم بمبادئ العلاقات الدولية الديمقراطية والمتساوية، وتدعو لحل القضية النووية الإيرانية بالوسائل الدبلوماسية والسياسية. أما الولايات المتحدة، فلا تبخل عن استخدام أساليب التهديد بفرض العقوبات وحتى استخدام القوة.
وأشار المحللون إلى أن الخلافات الروسية الأمريكية حول القضية النووية الإيرانية تعكس تباين مصالح مختلف الدول وأهدافها الإستراتيجية. الولايات المتحدة تهدف من تعاملها مع هذه القضية إلى منع امتلاك إيران الأسلحة النووية بغية الحفاظ على مصالحها الأمنية وزيادة إثبات مكانتها كدولة عظمى على المسرح الدولي من خلال التحالف مع بعض الدول الكبرى على مستوى العالم. أما روسيا، فنظرا لمصالحها الاقتصادية الكبيرة في إيران وانطلاقا من مصالحها الاستراتيجية، تعارض فرض العقوبات أو استخدام القوة ضد إيران، وهو ما يظهر الشقة الواسعة في موقفي البلدين في هذه القضية. إضافة إلى ذلك، فإن روسيا تحاول كذلك رفع تأثيراتها الدولية من خلال تحركاتها الدبلوماسية النشطة والبناءة في هذه القضية لتستعيد صورتها كدولة عظمى. لذلك، فرغم أن الدولتين اتفقتا على منع إيران من امتلاك الأسلحة النووية، إلا أن زاوية انطلاق كل منهما مختلفة تماما. ومن الواضح أنه يصعب على الدولتين إزالة أو تضييق الخلافات بينهما حول هذه القضية في المستقبل.
