مضت ثلاث سنوات على ظهور المشكلة النووية الإيرانية منذ أن أبدت الولايات المتحدة شكوكها حول مصداقية كون البرنامج النووى الإيراني في الأغراض السلمية. وخلال هذه السنوات الثلاث سارت مساعى حل هذه المشكلة على طريق معقد بسبب تعقد المشكلة والخلافات بين الدول الكبرى التى تسعى لمصالحها الذاتية.
ويرى الرأى العام أن الولايات المتحدة هى التى خلقت المشكلة النووية الإيرانية. ومن أجل حماية مصالحها في الشرق الأوسط وضعت إيران في قائمة دول محور الشر بذريعة أن البرنامج النووى الإيرانى يشكل خطرا على أمنها. وعقدت العزم على وقف المنشآت النووية الإيرانية بشكل كامل. وأثارت خطواتها المتطرفة هذه مشاعر الشعب الإيرانى الوطنية لمعارضة الولايات المتحدة. وإتهم وزير الخارجية السعودى مؤخرا الولايات المتحدة بأنه منحازة لإسرائيل وتسمح لها بامتلاك الأسلحة النووية قائلا إن الموقف الأمريكى هذا لن يساعد في حل المشكلة النووية الإيرانية بشكل مقنع. كما قال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعى إن الحل النهائي للمشكلة النووية الإيرانية لا ينفصل عن التعهد الأمريكي بالأمن الإيرانى.
إن إيران تدرك تماما من خلال تجارب الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج وحرب أفغانستان وحرب إسقاط النظام في العراق أنها مهددة بالخطر. وتعرف تماما أن امتلاك التكنولوجيا النووية هو أكثر الوسائل فعالية لحماية أمنها أمام السياسة الأمريكية العدائية. وبالنسبة الى معظم الإيرانيين فإن امتلاك التكنولوجيا النووية هو طريق لتحقيق هدفهم في تحويل إيران الى دولة قوية. وهذا هو السبب وراء حصول الحكومة الإيرانية على التأييد الواسع في موقفها المتصلب من مشكلتها النووية.
أما الاتحاد الأوروبى فيشعر بالقلق من خطر وصول الأسلحة النووية الى أيدى المنظمات الإرهابية إذا امتلكت ايران التكنولوجيا النووية لأن هذا الخطر سيهدد أمن الاتحاد الأوروبى ومصالحه في الشرق الأوسط. لكن الاتحاد الأروبى يختلف مع الولايات المتحدة حول سبل تسوية المشاكل الدولية إذا إنه يميل الى حلها بوسائل دبلوماسية. كما أن سياسته تجاه إيران عكست أيضا مصالحها الاقتصادية. لأن إيران هى عضو هام في منظمة الأوبك. وأن مصالح دول الاتحاد الأوروبي ستتعرض لخسائر كبيرة إذا أوقفت إيران بصورة مؤقتة بسبب الحرب تمويل هذه الدول بالبترول. ولهذه الأسباب بادر الاتحاد الأوروبى الى التفاوض مع إيران ولم يستبعد امكانية حل هذه المشكلة رغم مطالبته برفع القضية الى مجلس الأمن الدولى. الأمر كما قال وزير الخارجية الألمانى إن المشكلة النووية الإيرانية ستدخل الى مرحلة جديدة بعد رفع الملف النووى الى مجلس الأمن الدولى. غير أن هذا لا يعنى توقف المفاوضات.
وبالنسبة لروسيا فإن إيران تتحلى بأهمية استراتيجية عظيمة لمصالحها الاقتصادية. فالبلدان يتعاونان في مجالات كثيرة مثل الطاقة النووية والطيران والقوات المسلحة لذلك ظلت روسيا تلعب دور المدافع عن إيران. وما زالت تؤكد على ضرورة الحذر في كل خطوة من خطوات حل المشكلة النووية الإيرانية رغم موقفها الأخير المتمثل في عدم معارضتها لرفع الملف النووى الى مجلس الأمن الدولى.
وقد أصبحت الأزمة النووية الإيرانية الآن في مفترق طرق بعد استئناف إيران بحوثها للوقود النووى. ويرى المحللون أن امكانيات حل المشكلة النووية الإيرانية بشكل سلمى ما زالت قائمة رغم أن طريق حلها طويل وصعب.