استأنفت إيران أمس الثلاثاء ( 10 يناير ) بصورة رسمية أبحاث الوقود النووي التى ظلت مجمدة لأكثر من سنتين ،الأمر الذى أثار قلقا بالغا من المجتمع الدولي، وجعل مشكلة الملف النووي الإيراني التى هدأت لفترة نتيجة استئناف المفاوضات يتفاقم مرة أخرى.

وأعلن محمد سعيدي نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية أمس الثلاثاء أن "مراكز الأبحاث النووية الإيرانية استأنفت نشاطها فى وقت سابق من نفس اليوم"، لكنه نفى أن تكون إيران تعتزم إنتاج أي وقود نووي. وأكدت ميليسا فليمينغ المتحدثة باسم الوكالة الدولة للطاقة الذرية هذا الأمر قائلة إن إيران قد استأنفت عمليات التخصيب فى محطة ناتانز تحت اشراف مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. أما محمد البرادعي فقال إن الجانب الإيراني أكد له أنه يرغب فى تخصيب اليورانيوم على نطاق صغير.

إن استئناف إيران عمليات التخصيب قد أثار ردود أفعال واسعة تتراوح بين الاهتمام و القلق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وألمانيا، حيث أكدت بعض الدول أنها ستقوم بتنسيق المواقف لمواجهة العواقب الناجمة عن هذا الحدث. أما الولايات المتحدة فقالت إن أي تخصيب نووي إيراني

سيكون "تصعيدا خطيرا".

ويرى المحللون أن النتيجة المباشرة الناجمة عن استئناف عمليات تخصيب اليورانيوم هى عرقلة الجولة الجديدة من المفاوضات المقررة بين إيران والإتحاد الأوروبي فى 18 يناير الحالي. فهل ستجرى هذه المفاوضات فى موعدها المحدد أم الجواب غير معروف فى الوقت الحالي. لقد شهدت المفاوضات بين إيران من جانب وبريطانيا وفرنسا وألمانيا نيابة عن الإتحاد الأوروبي من جانب أخر والتى بدأت فى أكتوبر عام 2003 شهدت العديد من العقبات. ففى أغسطس الماضي طرح الإتحاد الأوروبي سلسلة من الاقتراحات التى شملت القيام بتعاون اقتصادى وتكنولوجي مع إيران مع انضمام الأخيرة إلى منظمة التجارة العالمية واقتراحات أخرى كانت بمجملها تهدف إلى إجبار إيران على التخلي عن خططها لتخصيب اليورانيوم. إلا أن إيران رفضت هذه الاقتراحات، ثم استأنفت نشاطات تخصيب اليورانيوم فى 8 أغسطس الماضي. الأمر الذى أوقت المفاوضات لأكثر من 4 أشهر. ثم استؤنفت فى 21 من ديسمبر الماضي.

ويرى الرأى العام أن استئناف إيران عملية تخصيب اليورانيوم يعود لأسباب عميقة داخلية وخارجية. وبسبب التأييد الواسع النطاق من المواطنين الإيرانيين ترى إيران أنها كدولة موقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية تمتلك بصورة كاملة حقوقها المشروعة للاستخدام السلمي للطاقة الذرية، وإنها لن تتمكن من الحفاظ على مكانتها كدولة عظمى فى الشرق الأوسط إلا بعد امتلاك التكنولوجيا النووية بالاعتماد على النفس. و من ناحية أخرى أن إيران ثاني أكبر دولة مصدرة للبترول ، وفى ظل ارتفاع أسعار النفط الخام فى الأسواق الدولية من الصعب أن تفرض الدول الغربية عقوبات اقتصادية على إيران.

وتبدى وسائل إعلامية أوروبية بصورة عامة موقفا متشاؤما إزاء المفاوضات النووية بين إيران والإتحاد الأوروبي، معتقدة بأنه إذا استأنفت إيران فعلا عمليات تخصيب اليورانيوم فستقوض بذلك مستقبل المفاوضات. أما الإتحاد الأوروبي فقد بدأ مشاورات عاجلة لعقد اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمناقشة اتخاذ المزيد من الإجراءات.