بعد أن قدم مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي تقريره حول الملف النووي الايراني إلى مجلس الوكالة ومجلس الأمن الدولي، أثارت ردود أفعال ايران والولايات المتحدة اهتمامات واسعة. وحذر حامد رضا آصفي المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية أمس الأحد (30 ابريل) من أنه إذا اتخذ مجلس الأمن الدولي اجراءات متشددة ضد إيران، فسترد بلاده على ذلك بنفس الأسلوب. ومن جانب آخر، أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في اليوم نفسه أن الولايات المتحدة قد تفرض عقوبات على ايران خارج اطار مجلس الأمن الدولي. ويمكن القول إن جولة جديدة من المواجهات قد بدأت بين الخصمين اللدودين.
هذا وأشار تقرير البرادعي إلى أن ايران لم توقف أعمال تخصيب اليورانيوم في غضون 30 يوما حسب مطالب مجلس الأمن الدولي. وتحت الضغوط الكبيرة من المجتمع الدولي، عبرت ايران أولا عن رغبتها في تقديم جدول زمني مفصل خلال ثلاثة أسابيع للرد على أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية والسماح لمفتشي الوكالة بتفتيش المنشآت النووية في ايران بشرط أن تحل القضية النووية في اطار الوكالة. إلا أن الولايات المتحدة رفضت هذا الشرط حيث أكد متحدث باسم البيت الأبيض أنه يجب على ايران التخلي أولا عن برنامجها النووي، وإلا فستحيل الولايات المتحدة القضية إلى مجلس الأمن الدولي.
هذا وقد أعلن كبير المفاوضين النووين الايرانيين علي لاريجاني أمس الأحد أن بلاده لن تقبل أي قرار اجباري وستواصل أعمالها في تخصيب اليورانيوم، وإذا فرضت الدول الغربية المعنية ضغوطا على ايران، فستلغي الأخيرة قرارها حول التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية حامد رضا آصفي أن بلاده قد عبرت عن رغبتها في اجراء الحوار لتسوية القضية، لكنها لن تجري هذا الحوار تحت ضغوط وتهديدات.
وردا على مواقف ايران المتصلبة، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أمس الأحد في برنامج تلفزيوني أمريكي إن ايران تتلاعب بالمجتمع الدولي في القضية النووية، مشيرة إلى أنه كان لدى ايران وقت كاف لوقف برنامجها النووي حسبما طالبها مجلس الأمن الدولي. وأكدت رايس أن الولايات المتحدة ما زالت مستعدة لتسوية القضية عبر وسائل دبلوماسية، إلا أنها لن تنتظر طويلا إذا لم يتخذ مجلس الأمن الدولي الاجراءات المعنية بسرعة. وفي الوقت نفسه، لم يستبعد كبار المسؤولين الأمريكيين احتمال توجيه ضربات عسكرية ضد ايران.
ويرى المحللون أن الولايات المتحدة لا تملك القدرة حاليا على شن هجمات عسكرية ضد ايران لأن قضية العراق قد استهلكت قوة كبيرة من حكومة بوش ومن الصعب عليها الحصول على تأييد المواطنين الأمريكيين إذا قررت شن حرب أخرى. وفي الحقيقة، رغم أن المواقف الايرانية قد شكلت تحديا كبيرا للسياسات الأمريكية، إلا أن الحكومة الأمريكية ترى أن أعمال ايران في تخصيب اليورانيوم ما زالت في مرحلة البحث ولا يمكنها انتاج الأسلحة النووية في الوقت الحالي. لذلك، أعلن الرئيس بوش وبعض كبار المسؤولين الأمريكيين أن الولايات المتحدة ما زالت تميل إلى تسوية القضية النووية الايرانية عبر وسائل دبلوماسية.
وجدير بالذكر أن مجلس الأمن الدولي سيجري مشاورات حول الملف النووي الايراني في الـ3 من الشهر الجاري، كما سيجري وزراء خارجية الصين والولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لقاءا بنيويورك في الـ9 من هذا الشهر لمناقشة تقرير البرادعي والاجراءات التالية. ويتطلع الناس إلى أن تتم تسوية هذه القضية بشكل سلمي في أسرع وقت ممكن.
