عقد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس الخميس (2 فبراير) اجتماعا استثنائيا لمناقشة مشروع القرار الذي طرحته فرنسا وألمانيا وبريطانيا يوم الأربعاء الماضي وطالبت فيه بإحالة ملف ايران النووي الى مجلس الأمن الدولي، وقرر الاجتماع تأجيل التصويت علي هذا المشروع الى اليوم لإتاحة الوقت الكافي لأعضاء مجلس محافظي الوكالة لمناقشته.

وطالب مشروع القرار ايران بوقف كافة الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بما فيها البحوث العلمية وعدم بناء المفاعل النووي العامل بالمياه الثقيلة لكسب ثقة المجتمع الدولي من جديد في استخدامها الطاقة النووية للأغراض السلمية، كما طالب المشروع ايران بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل واف وسريع وخاصة مساعدتها على إجراء التحقيق في ما اذا كانت ايران نفذت أنشطة نووية لها جوانب عسكرية، مطالبا مدير عام الوكالة محمد البرادعي بإطلاع مجلس الأمن الدولي على كافة الخطوات الواجب على ايران اتخاذها وكافة القرارات التي أصدرتها الوكالة بشأن القضية النووية الايرانية، ولكن المشروع أكد ضرورة مواصلة الجهود لحل هذه القضية من خلال الوسائل الدبلوماسية.

وردا على هذا المشروع، أكد مندوب الولايات المتحدة الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن معظم الدول الأعضاء ال35 بالوكالة تؤيد هذا المشروع في ظل التوصل الى اتفاق بين الدول الدائمة العضوية الخمس بمجلس الأمن الدولي، واشار مندوب روسيا الى أن بلاده لا تعارض إحالة ملف ايران النووي الى مجلس الأمن الدولي، ولا تطالب المجلس بفرض عقوبات علي ايران طالما واصلت ايران التعاون مع الوكالة، وأكد مندوب الصين ضرورة عدم تخلي الأطراف المعنية عن جهودها في حل هذه القضية من خلال الوسائل الدبلوماسية، ومن جانبهم، أعرب مندوبو فنزويلا وكوبا وسوريا عن معارضة بلدانهم لهذا المشروع، ومن المتوقع أن يجري ممثلو الدول المختلفة تعديلا للمشروع للتصويت عليه.

وأكد البرادعي أمس خلال الاجتماع الطارئ للوكالة أن ملف ايران النووي دخل حاليا مرحلة حاسمة ولكن ليس لمستوى الأزمة، وما زال أمامها فرصة لكسب ثقة المجتمع الدولي، مشيرا الى أن الدول المعنية لم تطالب مجلس الأمن الدولي بفرض أية عقوبات على ايران سوى إصدار "إشارة واضحة" اليها لحثها على اتخاذ المزيد من الإجراءات لبناء الثقة، معبرا عن أمله في أن تنفذ ايران الأعمال التفصيلية لتغيير موقفها قبل تقديمه قرارات التحقيق الى مجلس محافظي الوكالة في مارس المقبل.

ومن جانبها، ما زالت ايران متمسكة بموقفها المتشدد، وأكد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يوم الأربعاء الماضي خلال اجتماع كبير أن ايران تتمتع بحق لا يمكن التنازل عنه في تطوير الطاقة النووية، ولن تخضع لتهديد أية دولة كبرى، وفي اليوم نفسه، أشار كبير المفاوضين النوويين الايرانيين علي لاريجاني الى أن بلاده ستسعى لوقف تنفيذ البروتوكول الإضافي ل"معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية" وعدم السماح بتفتيش مفاجئ واستئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم التي أوقفتها طوعيا لبناء الثقة اذا أحيل ملفها الى مجلس الامن الدولي عبر أية وسيلة، ومن جانبه، جدد مندوب ايران الدائم لدى الوكالة أمس موقف بلاده هذا في الاجتماع الاستثنائي.

وفي هذا الصدد، يرى المحللون أن مجلس محافظي الوكالة لن يواجه أية عرقلة في إحالة ملف ايران النووي الى مجلس الأمن الدولي انطلاقا من الأوضاع الحالية، وتركز القضية التي تجذب الاهتمام البالغ على ما سيفعله المجلس بعد الإحالة، مشيرين الى أن مجلس الامن الدولي لن يفرض عقوبات على ايران قبل مارس المقبل على الأقل انطلاقا من الرؤى المشتركة التي توصلت اليها الدول الدائمة العضوية الخمس بالمجلس خلال مؤتمر لندن، مؤكدين أن مصير ايران في المستقبل يتوقف على ما اذا كانت تستأنف المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي أم لا.