الرئيس الايرانى السابق محمد خاتمى يقوم حاليا بزيارة الولايات المتحدة. وهو اول ايرانى على مستوى عال يقوم بزيارة الولايات المتحدة منذ اندلاع الثورة الاسلامية الايرانية وقطع العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وايران عام 1979. لذلك فان زيارته للولايات المتحدة الدولة المهتمة المهمة بالمشكلة النووية الايرانية فى اللحظات الحاسمة لتقرير المشكلة تسترعى بالطبع انتباه المجتمع الدولى.

التساؤلات هنا كثيرة، لماذا تسمح الحكومة الامريكية لخاتمى بهذه الزيارة. كما نعلم فانه منذ أن قطعت الولايات المتحدة علاقاتها الدبلوماسية مع ايران ظلت تفرض قيودا شديدة على المسؤولين الايرانيين الذين يريدون زيارة الولايات المتحدة. تأتى زيارة خاتمى هذه في وقت فوران المشكلة النووية الايرانية. الامر الذى اغضب الساسة الامريكيين بصورة شديدة. حيث ذكر بعض اعضاء مجلس النواب الامريكى ان الولايات المتحدة حددت ايران دولة من دول محور الشر عند تولى خاتمى منصب الرئاسة الايرانية. لذلك فان الموافقة الامريكية على زيارة خاتمى للولايات المتحدة تعارض السياسة الامريكية. إذن لماذا أعطت الحكومة الامريكية الضوء الاخضر لزيارة خاتمى. السبب في ذلك كما يرى المحللون هو المصالح الامريكية. المعروف ان خاتمى البالغ من العمر 62 سنة هذا العام كان يعتبر زعيما معتدلا مناصرا للاصلاح اثناء فترة رئاسته من عام 1997 الى عام 2005. وكان يدعو الى المزيد من الانفتاح السياسى الاكثر والمزيد من الحوار مع المجتمع الدولى ويؤكد على الحوار مع الغرب بدلا من المجابهة والتفاهم مع الولايات المتحدة في المشكلة النووية الايرانية رغم انه يؤيد تطوير البرنامج النووي الايرانى. لذلك فان هدف حكومة بوش من السماح لخاتمى بزيارة الولايات المتحدة في وقت توتر العلاقات وفورانها بين البلدين هو اظهار موقفها المتمثل فى عدم اغلاق باب للحوار مع المصلحين الايرانيين وفرض الضغوط على المتشددين بمن فيهم الرئيس الحالى محمود احمدى نجاد.

الجانب الآخر الذي يستقطب اهتمام الرأي العام بزيارة خاتمي هذه هو: هل مهمة هذه الزيارة تقتصر فقط على تعزيز الحوار الحضاري في العالم؟ يرى المحللون أن خاتمي وصل إلى نيويورك بادئا زيارته للولايات المتحدة في الـ31 من الشهر الماضي وهو اليوم الذي يتزامن مع المهلة النهائية التي حددها القرار 1696 الصادر عن مجلس الأمن الدولي لتوقف ايران أعمال تخصيب اليورانيوم. إلا أن ايران قد رفضت ذلك، والولايات المتحدة تدعو حاليا مجلس الأمن الدولي إلى فرض عقوبات على ايران. وفي ظل هذه الأوضاع، إن زيارة خاتمي للولايات المتحدة تعتبر اجراءا دبلوماسيا يهدف إلى تخفيف حدة توتر العلاقات بين البلدين. في الحقيقة، إن خاتمي لم يذكر أي شيء عن القضية النووية في خطابه الذي ألقاه في الولايات المتحدة، بل ركز في حديثه عن حوار الحضارات. وهذه وسيلة تستخدمها ايران لابعاد نظر الولايات المتحدة وتخفيف اهتمامها بالقضية النووية من أجل تأجيل القضية إلى أبعد وقت ممكن والحصول على الدعم الدولي لها.

وبالطبع، الجانبان الأمريكي والايراني لم يعلنا رسميا مهمة زيارة خاتمي هذه، لذلك من الصعب على الرأي العام كشف حقيقة هذه الزيارة. إلا أن هناك شيئا واضحا وهو أن الجانبين لم يضعا أية عراقيل أمام زيارة خاتمي، وذلك يدل على أنهما يحاولان كشف الأوراق النهائية للآخر في ظل تفاقم المواجهة بين الجانبين.