أعلنت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس أمس الاربعاء(31 مايو) أن بلادها على استعداد لاجراء محادثات مباشرة مع ايران بالاشتراك مع الاتحاد الاوروبى للتوصل الى حل للقضية النووية بشرط أن توقف ايران أنشطتها فى تخصيب اليورانيوم واعادة تصنيع الوقود النووى. ويرى المحللون أن العرض الامريكى الجديد هكذا يشير الى تغير كبير فى الموقف الامريكى حيال هذه القضية.
وقالت رايس فى مؤتمر صحفى عقد فى نفس اليوم إنه اذا أوقفت ايران أنشطة فى تخصيب اليورانيوم واعادة تصنيع الوقود النووى بصورة كاملة وبشكل مقبول، فإن الولايات المتحدة ستضم الى ترويكا الاتحاد الاوروبى بريطانيا وفرنسا والمانيا فى التباحث مباشرة مع ايران حول حل القضية النووية، مؤكدة أنها تعترف بحق ايران فى استخدام الطاقة النووية للاغراض المدنية، ولكن من الضرورى أن تتخلى ايران عن برنامج بحوثها لتصنيع الاسلحة النووية. وأضافت أن الولايات المتحدة تنوى تحسين علاقاتها مع ايران اذا ما أوقفت برنامجها النووى.
وبالرغم من أن الحكومة الامريكية كانت ذكرت مرات، وفى مناسبات عديدة أن حل القضية النووية الايرانية عبر الوسئل الدبلوماسية هو " أول خياراتها" ، إلا انها ظلت ترفض الحوار المباشر مع ايران بخصوص هذا الامر ، حيث ترى أن مفتاح القضية هو أن توقف ايران تنفيذ برنامجها النووى قبل كل شىء. فى الوقت نفسه، كانت تسعى للحصول على دعم المجتمع الدولى لفرض العقوبات على ايران، ولم تستبعد إمكانية القيامبعمل عسكرى ضدها .
إذن، لماذا عرضت الولايات المتحدة حاليا إجراء محادثات مباشرة مشروطة مع ايران ؟ إن وجهة النظر العامة تقول إن ضغوطا داخلية وخارجية كبيرة، قد أجبرت الحكومة الامريكية علىهذا التغيير، ويتضح ذلك فيما يلى:
أولا، بداخل الولايات المتحدة، إنخفضت نسبة التأييد للرئيس الامريكى جورج بوش الى 31% وهى تعتبر أدنى الدرجات منذ توليه منصب الرئيس الامريكى ، وذلك بأسباب تداعبات الحرب العراقية وارتفاع أسعار النفط وظهور فضائح سياسية عديدة. ولمواجهة هذه الضغوط ، كان على بوش أن يفعل شيئا ايجابيا فى القضية النووية الايرانية حتى يستطيع الحزب الجمهورى الحاكم برئاسته تحقيق نجاحات فى إنتخابات الكونغرس المنتوسطة والمزمع اجراؤها فى نوفمبر القادم .
ثانيا، تزداد الدعوة الملحة من قبل المجتمع الدولى لان ينضم الجانب الامريكى الى المحادثات المباشرة مع ايران. وروسيا والصين كما نعرف متمسكتان دوما بمبدأ الحل الدبلوماسى للقضية النووية الايرانية. كما حذرت دول الترويكا الثلاث بالاتحاد الاوروبى مؤخرا من أنه اذا لم تشارك الولايات المتحدة فى محادثات هذه الدول الثلاث المباشرة مع ايران ، فمن الصعب تحقيق تقدم جديد فى القضية النووية الايرانية. لهذا ولغير هذا، عرضت الولايات المتحدة أخيرا مشاركتها المشروطة فى المحادثات المباشرة مع ايران .
وفى الوقت نفسه، فان الولايات المتحدة تنظر للامر أيضا من واقع مصلحتها الذاتية، إذ أنها تعرف جيدا أن ايران اذا لعبت "بأوراق النفط"، وقطعت قناة نقل النفط الخام بمضيق هورمز، فإن ذلك بلا شك سيؤدى الى ارتفاع سعر النفط وعرقلة تطور الاقتصاد العالمى وتوجيه ضربة قوية للاقتصاد الامريكى . ثم انه اذا شجعت ايران المسلمين الشيعة فى العراق على مقاومة القوات الامريكية ، فلا بد أن تتحول الاوضاع فى العراق الى فوضى واضطراب أكبر. كما انه باستطاعة ايران تشن هجوم صاروخى على إسرائيل مما يفجر إضطرابات الاوضاع بالخليج ومنطقة الشرق الاوسط باكملها كلها. أما إذا إستوعب الخبراء الايرانيون التقنيات النووية وقاموا بتوسيع نشرها إجباريا تحت ضغوط، فستواجه الولايات المتحدة تهديدات نووية بلا ريب. وبالطبع أيضا فإنه إذا وجهت الولايات المتحدة ضربة عسكرية ضد ايران، فلن تجد اى دعم عالمى ناهيكا عن نتيجتها الفظيعة.
وبتفكير عميق لجأت الحكومة الامريكية اخيرا الى تغيير موقفها من هذه القضية ، وهكذا بلا شك سيفيد من تحسين العلاقات بين أمريكا وايران على حد قول المحللين .
