أجاز مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء ( 29 مارس ) بالإجماع بيانا رئاسيا بشأن القضية النووية الإيرانية. ثم دعا وزير الخارجية الألماني فالتر فرانك شتاين ماير وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي إلى برلين إلى الالتقاء أمس الخميس، حيث أصدروا بيانا بشأن القضية النووية الإيرانية.
يرى المحللون أن البيانين المذكورين يدعوان إيران إلى وقف أعمال تخصيب اليورانيوم، ويؤكدان أيضا على ضرورة الحل الدبلوماسي لهذه القضية، والدور الهام الذى تلعبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
إن البيان الرئاسي لمجلس الأمن الدولي تمت إجازته بعد إدخال تعديلات لثلاث مرات على مشروع قرار تقدمت بريطانيا وفرنسا. ويرى الرأى العام أن ذلك ما هو إلا بعض التنازل من الولايات المتحدة وأوروبا بعد النظر الجدي فى الموقف الروسي والصيني.
أولا، تم شطب الأقوال في النسخة الأولية من البيان والتي تتهم فيها بريطانيا وفرنسا إيران بأن أعمالها النووية قد تهدد سلام وأمن العالم، أما النص الأصلي الرسمي فى البيان فيؤكد فقط على أهمية الوقف المؤقت الإيراني الشامل والمستمر لكافة الأعمال المتعلقة بالبحوث والتطوير فى مجال تخصيب اليورانيوم لتكتسب إلى الثقة الدولية. وترى روسيا إنه إذا واجه سلام وأمن العالم فعلا تهديدا، فإن لمجلس الأمن الدولي الحق في معالجة هذا التهديد وفقا لما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة.
ثانيا، طالب البيان الرئاسي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتقديم تقرير إلى الوكالة ومجلس الأمن حول ظروف تنفيذ إيران للقرار، وذلك خلال 30 يوما. وهذه المهلة تزيد بنصف شهر عما حدده المشروعان السابقان اللذان تقدمت بهما بريطانيا و فرنسا.
ثالثا، فى ظل تمسك الجانبين الروسي والصيني بموقفهما، لم تظهر كلمات شديدة اللهجة تهدد بفرض عقوبات اقتصادية على إيران، مما أتاح فرصة أكثر أمام الجهود الدبلوماسية لحل هذه القضية.
وقد أشار مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة وانغ قوانغ يا إلى أن أهم مغزى للبيان الرئاسي هو التعبير عن الرغبة في حل القضية النووية الإيرانية من خلال الجهود الدبلوماسية، حيث أكد على أهمية الحفاظ على ثقة الآلية الدولية لحظر الانتشار النووي، وعبر عن الدعم الكامل لأعمال الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها العام، مما يظهر الرغبة في حل القضية عبر المفاوضات وبالوسائل الدبلوماسية. وأكد وانغ قوانغ يا أن الخطوة الهامة القادمة هي أن تنتهز مختلف الأطراف المعنية بما فيها الدول الأوروبية الثلاث وروسيا هذه الفرصة لتفعيل الجهود الدبلوماسية بغية دفع حل القضية بشكل مناسب.
نقول إنه بعد إجازة البيان، التقى وزراء الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي ووزير الخارجية الألماني في برلين لمناقشة الخطوات والحلول المستقبلية.
وقد أشارت وسائل الإعلام الأوروبية إلى أن الخلافات حول القضية النووية الإيرانية بين روسيا والصين من جهة والدول الغربية خاصة الولايات المتحدة من جهة أخرى لم تختف رغم إجازة البيان السالف الذكر. وفي الوقت الحالي، فإن الولايات المتحدة لا تملك السبل الفعالة الكثيرة لمواجهة إيران نظرا لقيود كثيرة. وفي ظل هذه الظروف، فإن الولايات المتحدة اتخذت سياسة تتمثل في محاولة "إقناع" المجتمع الدولي بتشكيل "جبهة مشتركة" تدريجيا، وبالتالي، عزل إيران سياسيا وفرض عقوبات اقتصادية عليها، تمهيدا لتهيئة الظروف لاحتمال توجيه ضربة عسكرية ضد إيران في المستقبل. من الواضح أن سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران غير مقبولة أمام روسيا والصين، ومن المحتمل أن تعترض بعض الدول الأوروبية على هذه السياسة في مرحلة ما في المستقبل.
