بعد المباحثات التى جرت يوم الثلاثاء بين مندوبى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولى ومندوب المانيا حول المشكلة النووية الايرانية بموسكو اجرى ممثلو الجماعة الثمانى يوم أمس الاربعاء على هامش اجتماع تحضيرى لقمة سانت بيتيرسبورغ مشاورات حول هذه المشكلة دون احراز اى تقدم جوهرى.
عشرة ايام باقية فقط على الموعد الذى يتعين على مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن يقدم فيه تقريره الى مجلس محافظى الوكالة ومجلس الامن الدولى حول آخر تطورات المشكلة النووية الايرانية. هكذا وازدادت اهتمامات المجتمع الدولى بهذا الموضوع. هل ستحل المشكلة النووية الايرانية من خلال الوسائل الدبلوماسية أم من خلال فرض عقوبات أو استخدام القوة ؟ دلت آخر التطورات على أن باب الحل الدبلوماسى ما زال مفتوحا الا أن جهود الحل الدبلوماسى تواجه تحديات صارمة. لان ايران والولايات المتحدة الدولتين المعنيتين بالمشكلة ما زالت على موقفهما. مثلا بعد أن اجاز مجلس الامن الدولى بيانا رئاسيا بشأن المشكلة قامت ايران بمناورات عسكرية في استعراض اسلحتها المتقدمة كما أعلنت في الحادى عشر من الشهر الحالى نجاحها في تخصيب اليورانيوم المنخفض النقاوة وذكر أنها ستنضم الى نادى التقنية النووية الدولى في القريب. اذن فما هو السبب وراء تصلب الموقف الايرانى؟ الروية العامة أن ايران تعرف ان لها اهمية استراتيجية تتمثل في مواردها البترولية الوفيرة في اسواق البترول العالمية. وحسب تقديرات شركة راند الامريكية فإن سعر برميل البترول في الاسواق العالمية سيتجاوز المائة دولار امريكى إذا قللت ايران خمسمائة الف برميل من انتاجها اليومى. وان هدف ايران من مناوراتها العسكرية هو تنبيه الغرب بأن ايران مستعدة لقطع 20% من امتداداتها البترولية للعالم في الوقت الذى تراه مناسب لها. والى جانب ذلك فان ايران تتمتع بتأثيرات كبيرة على القوى السياسية الشيعية في منطقة الشرق الاوسط ولها علاقات وثيقة ببعض القوى المتشددة مثل حزب الله وحركة حماس ومنظمة الجهاد التى تمثل قوى مسلحة لا يمكن للولايات المتحدة واسرائيل تجاهلها.
يرى المتابعون أن ايران رغم أنها تمسك في يدها ورقة البترول الا انها تواجه مشكلة اقتصادية صعبة. فمع ازدياد توتر الوضع بسبب المشكلة النووية سارع المستثمرون الاجانب بمغادرة ايران وتحولت حركة الاقتصاد الايرانى الى البطء بسبب الافتقار الى رؤوس الاموال. واحدثت حالة التضخم المالى والبطالة استياء المواطنين. هناك معظم البنزين في ايران مستورد من الخارج رغم أنها دولة كبرى في انتاج البترول والسبب في ذلك انها غير قادرة على تكرير البترول. وواضح هكذا أنها ستتعرض لخسائر جسيمة اذا فرض الحصار الاقتصادى عليها.
اما الولايات المتحدة فلا تستبعد الخيار العسكرى لحل المشكلة النووية الايرانية رغم أنها عبرت عن رغبتها في حل المشكلة بالاسلوب الدبلوماسى. لان الولايات المتحدة ترى أن ايران اكبر الدول تهديدا لها. في الحرب على العراق ارسلت الولايات المتحدة مائة وخمسة وثلاثين الفا من قواتها البرية. أما ايران فعدد سكانها ثلاثة اضعاف عدد العراقيين ومساحة اراضيها اربعة اضعاف الاراضى العراقية. وستدفع الولايات المتحدة ثمنا باهظا اذا استخدمت القوة العسكرية لحل المشكلة النووية.
جملة القول ان ايران والولايات المتحدة ستتكبدان لخسائر جسيمة اذا وقعت المجابهة العسكرية بينهما ليس هذا فحسب بل إن المجتمع الدولى كله سيتعرض للخسائر. لذلك فإن دولا كثيرة مثل روسيا والصين تعمل على حل المشكلة من خلال المفاوضات.